دور أهل التصوف فى الوقت الراهن …أحمد الحرارى – ليبيا

أحمد الحرارى

الصوفية اليوم

 

أمّا بعد فإنّ ما أريد أن أتكلم عنه هو دور أهل التصوف وموقفهم مما يحدث للأمة المحمديّة في هذه الأيام سادتي لا يخفى عليكم ما أصاب الأمة في هذه السنين الأخيرة من همّ وكرب وقتل وتشرّد أهلها وسفك للدماء حتى صار دم المسلم بل دم أبن آدم أرخص من دم البعوضة أكرمكم الله ،وكل هذا يرجع الى فقد السلم والتصالح و عدم أخذ العبر مما كان، عليه ساداتنا من أهل التصوف من صفاء قلب وتسامح ومحبة ، صار الواحد منا يقضي الليل والنهار ليدبّر أمر كيد المكائد لأخيه.

وكل طائفة تبذل قصار جهدها لتثبت أن الطائفة الأخرى على خطأ كي تنتهز الفرصة لتكفيرها وإخراجها من الملّة، وكما يعلم كل صاحب فطرةٍ سليمه أنّ هدفنا و ما يطمح إليه كلّ منا هو العيش في سلم ومحبة مع كل الخلق، ولكن قبل الالتفات الى التصالح مع الطوائف الدينية و الأحزاب السياسية الأخرى دعونا نصلح بيتنا من الداخل أولاً.

دعونا نتفقّد أقراننا من أهل التصوف ونضمّ أيدينا الى أيديهم ، سادتي أعذروني فقد خرج الأمر عن النطاق و تكاد الطّيبة أن تتحول الى سذاجة في حين نرى عدونا أنتهز الفرص وسخّر رعاع الشعب وأجندة الدولة لتكفيرنا وطمس هويتنا، ونجد في الجانب الأخر أهل التصوف بل دعونا نقول [ المتمصوفة ] حتى لا يكون لأهل التصوف علينا حجّة”.
نرى البعض ممن هم محسوبون علينا يتصارعون في بعضهم تصارعاً شديداً همّهم يكمن فقط في بروز أسمائهم ، اسمى غاياتهم و اكبر مشاكلهم في ايّهم يقال عنه شيخ وايّهم يقال عنه عارف بالله وايّهم يقال في زاويته ’’ ألف مريد ’’ فقط يودّون الاكتفاء بهذا.

أفيقوا سادتي فإنّ الكائدين والماكرين يتداعون علينا تداعي الأكلة على قصعتها الوقت وقت عمل ، والله اخشى ان نُلام على سكوتنا ويسألنا الله تعالى عن دورنا وماذا قدمنا لأمة جدّي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، الحروب وما أصاب الامة من هم وقتل وذبح اذا راجعنا أنفسنا و التفتنا الى بداية والى جذر الخلاف نجده هو خلاف عقائدي بحت ، بسبب تخلخل عقيدة و ايمان البعض، كفّر احدهم من خرج على ولي الامر، و ذبح الاخر من وقف في صفّ السلطانوكل هذا سببه عدم تلقّيهم او عدم وجود من يلقنهم العقيدة السليمة عقيدة الصفاء والخلوة والزهد أي عقيدة اهل التصوف.

الحروب التي تحصل اليوم في سوريا وفي العراق وفي اليمن وما حدث مؤخراً مع اهل الإيغور وفي بلدي الذي كان اسمه دولة ليبيا ولم تعد لنا دولة … كحكومة على الصورة نحترمها كما تحترمها بقية الدول و لكن مزّقت دولتنا ، باسم الأحزاب السياسية والطوائف الدينية نحن في ليبيا منذ أمدٍ طويل و منذ عصر ساداتنا الصالحين في عهد الاسرة السنوسية الشريفة و منذ عصر سيدي الامام محمد المهدي السنوسي والمحدث محمد الخطاب السنوسي ومنذ عصر سيدي الشهيد عمر المختار المجاهد الاشعريّ عقيدةً السنوسيّ طريقةً، كانوا هم ومن جاء من بعدهم قد تركوا البلاد على المحجّة البيضاء.
منذ قدمٍ قيّضه الله لنا لم نسمع بأنّ فلان سلفي او هذا اخواني او هذا صوفي او فلان وهابي كنا على المحجّة البيضاء ، في عقد الاشعري وفقه مالك وفي طريقة الجنيد السالك ، حتى عرفت بلادنا بين اقرانها ببلد المليون حافظ لكتاب الله عز وجل ، من الذي أسّس زوايا التحفيظ ؟ انهم اهل التصوف ، وبشهادة من انكر قبل من اعترف .
بعد الثورة او بعد حرب احد عشرو ألفين قام الاقتتال الداخلي والحرب العقائدية بيننا، جاءت دول من الخارج وارادت توظيف ما لديها من اجندة باللعب على وتر الطائفية، وبتغيير المناهج الدينية وزرع الأفكار المتطرفة و بنشر جراثيمها في المساجد و بين الناس ، ونسأل الله تعالى ان يكون هذا اقصى جهدهم ولا يطغون اكثر فأكثر، لأننا لا نريد ما حدث في ليبيا و ما كان قبله في الشام و ما سبقته بهم العراق وليس اليمن عليكم ببعيد لا نودّ ان يتكرر هذا المشهد في دول أخرى ونحاول ان نحفظ ما يمكن حفظه من الامة التي جعلنا الله خلفاء فيها

الوقت وقتنا يا سادتي، وجب علينا ان نقف صفاً واحداً وان نبدأ بداية جديدة لنسترد الامة ممن يلعب بها ويعبث بفكر صغارها قبل كبارها، الأجيال الجديدة امانة في اعناقنا، الوقت وقت أهل العقيدة والتصوّف، و لكنّه ليس وقتنا بالقوة ولا بالشدة ولا بالانتزاع ولا بالسلاح، الوقت وقتنا بالخدمة والمحبة و المسامحة والمصافحة والمبادرة بالسلام مع من ظلمنا قبل الذي ظلمناه
وحتى نستغل هذا الوقت وننتهز هذه الفرصة فيجب أن نرحم ونحب ونحسن الظن وندعوا الى سبيل ربنا بالحكمة والموعظة الحسنة، فيجب أن نحب الجميع ونرحم العدو قبل الصديق ولا ننسى الامة من صالح دعائنا ونرتقي بالمصالحة حتى نعمّ الجميع حتى الذي عدوك.
لأنك اذا دعوت على عدوك واهلكه الله بإجابة دعوتك ، فإنك تكون قد خسرت انساناً من الامة امّا اذا دعوت لعدوك والان الله قلبه لك لما وجده فيك من مقابلة الإساءة بالإحسان فتكون قد كسبت جندياً في صفك، وقد لا نريد ان نتكلم بمنطق الجند والجنود لان التصوّف منهج سماحة ، ولسنا في باب عسكرية ، ولكن دعنا نقول انك كسبت مريدا في زاويتك، فلا تنسوا الامة من صالح دعائكم .
ولكن سامحوني سادتي اسأت الادب، ولكنني أرى أن الامة الأن لا تحتاج الى دعاء ، بقدر احتياجها الى العمل الامة ربها يعلم بما بها وما حل بها، الامة تحتاج الى ان ترى التصوّف يمشي في الشوارع متمثلا في اخلاقنا وتعاملاتنا خلال الوقت الّذي تخاذلنا فيه في هذه العشر سنوات الأخيرة.
أين اهل التصوف؟ نائمين، اين مشايخنا؟ يقضون النهار في الزوايا ويمضون الليل معتكفين في خلواتهم،أين ساداتنا؟ متحفظين لا يريدون أن يقولوا نحن مع فلان كي لا تشبّ الفتنة، خوفا على الأمة ، جزاهم الله خيرا على هذا الحرص ولكنه في غير وقته، كفانا ذلا كفانا تخاذلا كفانا ادّعاء للتواضع، لنخرج الى الساحات و الى المساجد و الى المنابر و منصّات الوعي و نستردها ،في حال نحن غافلين”خرج عدونا وانتهك الأوقاف.
واغتصب الإفتاء وجلس في المساجد بالسلاح وأنزل مشايخنا من على المنابر وغير المناهج الشرعيةعناية في الذي يحب والذي يكره بل و الاشدّ من هذا خرج من اعدائنا ممن دسّ السم في العسل و تكلم باسمنا الا ينبغي علينا ان نستفيق وان نضع خطة عملية على ارض الواقع وان نكفّ عن المناشير المكتوبة والخطابات الحماسية .
وأن نحوّل ماربّانا عليه ائمتنا وساداتنا من اهل التصوف نبدّله من قول الى فعل الامام عبد القادر الجزائري كان مجاهدا القائد صلاح الدين الايوبي كان مجاهدا شيخ الشهداء عمر المختار حارب إيطاليا ووقف في وجهها ولا يزال اسمه يتغنّى به الى اليوم في شرق البلاد وغربهاالسلطان محمد الفاتح حقق بشارة الحبيب صلوات ربي عليه وجميعهم كانوا أشاعرة من اهل التصوف ولكن جهادهم كان نظيفاً نابعاً من قلوب طاهرة وليس كالّذي نراه في هذه الايام.

ألا ينبغي علينا ان نضع هذه السِّير نواصب أعيننا ونقتدي بها وأن نقنع انفسنا ان الوقت وقت عمل و انّ التصوف بل كل الامه تحتاج منّا الى بذل جهد حتى تقف على قدميها من جديد، ونسأل الله تعالى أن يجعلنا من المقتدين بهديه والسائرين على نهج حبيبه صلى الله عليه وسلم والمقتدين بطريق ساداتنا نفعنا الله بهم احياء وأمواتا.ً

Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp

1 فكرة عن “دور أهل التصوف فى الوقت الراهن …أحمد الحرارى – ليبيا”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *