“اليمين المتطرف والإساءة للنبي الأعظم”.. بقلم خالد الشناوي

د. خالد الشناوى

 

تطل علينا ذكرى المولد النبوي الشريف لتحيي فينا الأمل وتبعث الهمة ولتعدل مسار أمتنا وتجدد طاقتها في سيرها إلى ربها جل في علاه.

وهي دعوة صريحة لكل أمم الأرض للنظر في سيرة هذا النبي الكريم المفترى عليه وعلى شريعته في بقاع كثيرة من المعمورة ممن لم يقرءوا شيئا عن سيرته ولم يعرفوا شيئا عن سنته وأخلاقه الغراء ليتعرفوا نبيا آخر غير الذي صوره لهم خصوم الإسلام ومناوئوه نبيا يدعوا إلى السلام والتراحم والحض على مكارم الاخلاق ونبذ سفاسفها .

وكأن الاعتداء الغاشم على شخص هذا النبي الخاتم جاء في ذكرى مولده الشريف جاء ليوحد الكلمة وليجمع الشمل وليرغم المعترض للاحتفال جنبا إلى جنب مع المؤيد إحياء لذكرى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

إن روحانية هذا النبي والتي غيرت مجرى التاريخ لقادرة على تحقيق مرادها وفق فلسفة وجودها وتربعها على رأس هذا الوجود إمامة وتمكينا.
إن رائحة الكراهية التي باتت تفوح من الشارعين_العربي والاسلامي_لكل ما يمت بصلة إلى فرنسا_حكومة وشعبا_لن يمحوها غير اعتذار من الحكومة الفرنسية و تعهد بالكف عن هذا الهراء احتراما لرمز ديننا الحنيف عليه أفضل الصلاة والسلام .

وإلا فعلى فرنسا تدور الدوائر ولتتحمل كونها سببا في خلق مزيد من الاحتقان والبغض والكراهية في شتى أرجاء المعمورة .

منذ أن جاء الرئيس الفرنسي”إيمانويل ماكرون”في قصر الإليزيه وشغله الشاغل التطاول على الدين الإسلامي بشكل مستفز وغير مسبوق، يتبنى “ماكرون” من خلاله سياسة تصنيع الخوف والإستثمار الإنتخابي في الإسلاموفوبيا مقابل تراجع شعبيته في أوساط الرأي العام الفرنسي في الأونة الأخيرة.

هذه الإساءة المستمرة من ماكر(ون) للإسلام جاءت تمهيداً لتمرير قوانين وإجراءات ذات طابع عنصري ضد المسملين في فرنسا بعدما فشلوا في الخطوات الإصلاحية لدمجهم في المجتمع الفرنسي، حيث كان ماكرون يائساً وهو ما أفقده شعبيته في اليمين المتطرف.

فكما_أوضحنا_بعد سقوط شعبيته بين المواطنين الفرنسيين، يتبنى ماكرون سياسة التخويف والاستفادة من الخوف الموجود بين الفرنسيين من الدين الإسلامي، فيريد فقط تأكيد هذا الخوف للشعب وأنه من يريد مصلحتهم كرئيس دولة على حساب الدين الإسلامي.

فجاءت كل تصريحاته تسيء لجناب النبي”صلى الله عليه وآله وسلم”بشكل مباشر،هذا الصنيع يدل على إفلاس سياسي وافلاس فكري لا نظير لهما، وازاء هذا التعدي السافر؛وهذا الانحطاط القيمي والأخلاقي؛ بات ضروريا استنهاض ولاية الحكومات العربية والإسلامية لتدويل تلك القضية دوليا وعلى كافة الأصعدة لوقف هذا الحول الفكري والسياسي تحجيما لهذا اليميني المتطرف .

كما أضحى الرهان على دور الشعوب العربية والإسلامية كبيرا لقدرتها المجتمعية بدورها المنوط بمقاطعة كافة المنتجات الفرنسية مقاطعة تامة حتى تتراجع فرنسا عن تطاولها تراجعا يلقنها درسا لا تنساه مدى حياتها، فالضغط الاقتصادي هنا هو الفيصل؛وسيعود بالأمور إلى نصابها الصحيح .

لا سيما أن الإساءةُ لجناب النبي الأعظم ليست حريةَ رأيٍ، بل دعوة صريحة للكراهية والعنف، وانفلات من كل القيم الإنسانية والحضارية.
وأنها لن تخلف ورائها غير مزيد من الاحتقان والقتل والتخريب .
فلماذا ينقم هؤلاء من سيد البشر؟
هل ينقمون منه أنه دعا إلى توحيد الله – تعالى – وهم لا يؤمنون لله بالوحدانية ؟.

أم ينقمون منه أنه عَظَّمَ ربه – تبارك وتعالى – ونزَّهه عما يقوله هؤلاء المفترون، وهم ينسبون إليه الصاحبة والولد؟أم ينقمون منه أنه دعا إلى معالي الأخلاق، وتَرْك قبيحها!
فإذا كنا نتحدث _هنا_عن فرنسا، والحملة الشرسة التي يشنّها الرئيس إيمانويل ماكرون ضدّ ما يَصفه بـ”الإسلام المتطرّف” والتي شمِلَت حتّى الآن إغلاق 328 مسجدًا ومدرسة، وناديًا، كردّ فعل على إقدام شابٍّ شيشانيٍّ على جريمة قطعه رأس أستاذ تاريخ عرض على تلاميذه صُورًا كرتونيّةً عاريةً، وبشكلٍ بذيءٍ استِفزازيّ، نخجل من وصفه، للرّسول محمد ﷺ.

لا نُجادل مُطلقًا، بأنّ عمليّة القتل للمدعو “صامويل باتي” على يد شيشاني مُسلم لا يزيد عُمره عن 18 عامًا، هي جريمةٌ مُدانةٌ، وتَحدُث يوميًّا جرائم مِثلها في مُختلف المُدن الأوروبيّة وغيرها، ولكنّ الخطر يَكمُن في تصنيفها في خانة “الإرهاب الإسلامي” وتجريم القاتل، وتحويل الضحيّة إلى بطلٍ، دون أيّ إشارة، أو إدانة، إلى عمله الفاضح، وتوجيه أيّ لومٍ له، الأمر الذي يَصُب في مصلحة نشر العنصريّة والطائفيّة، وتشجيع حُدوث المزيد من الإساءة لدِينٍ سماويٍّ يقترب عدد مُعتَنقِيه من المِليارين.

نعم هُناك مُتطرّفون في أوساط الجاليات الإسلاميّة في أوروبا، ولكنّ هؤلاء يظلّون أقليّة الأقليّة، والمُسلمون “المُعتدلون” الأغلبيّة السّاحقة يُعانون أكثر من نُظرائهم الفرنسيين “اللّيبراليين”ومع ذلك يستمرّون في “التّعايش”، ولكنّ كُل الشرائع لا تُحمّل الأكثريّة مسؤوليّة أفعال الأقليّة إلا في فرنسا’ماكرون” للأسف التي تتغوّل في ردودِ فِعلها التمييزيّة الانتقاميّة.

من دعم هؤلاء المُتطرّفين، ووفّر لهم البيئة الحاضنة في “غيتوهات” فقيرة، مُعدمة، منبوذة في هوامِش المُدن الفرنسيّة الكُبرى، وعاملهم بطريقةٍ عنصريّةٍ تمييزيّةٍ في العمل والصحّة، والتّعليم، هي الحُكومات الفرنسيّة قصيري النّظر، الاستعماريّة التوجّه، السّابقة منها والحاليّة.
ماذا يتوقّع الرئيس ماكرون عندما يختار وزيرًا مُتطرّفًا عُنصريًّا للداخليّة يُعارض وجود أقسام خاصّة في المحلّات التجاريّة الكُبرى للطّعام “الحلال”، بينما لا يعترض مُطلقًا، وعلى مدى عشرات السّنين لوجود قسم خاص للطّعام اليهودي “كوشر” على سبيل المِثال لا الحَصر، ويُطالب بإزالة هذه الأقسام “الإسلاميّة” فورًا باعتِبارها منظرًا مُنفّرًا و”مُقزّزًا”، والقائمة تطول!

Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *