الجلسة السابعة للملتقى العالمي للتصوف تبرز نماذج تاريخية لتدبير الصوفية للأزمات

كتبت: هناء عمرو

 

تتواصل الجلسات العلمية للملتقى العالمي للتصوف في نسخته الخامسة عشرة، والمنظم من طرف مؤسسة الملتقى والطريقة القادرية البودشيشية ومشيختها، بشراكة مع المركز الأورومتوسطي لدراسة الاسلام اليوم، بعقد الجلسة العلمية السابعة، الأحد 1 نونبرالجاري، والتي ناقشت محور ” التصوف وتدبير الأزمات: نماذج تاريخية وواقعية “، وتم بثها على المنصات الإفتراضية لمؤسسة الملتقى على مواقع التواصل الاجتماعي.

ترأس هذه الجلسةالدكتور محمد مصطفى عزام، أستاذ التعليم العالي بجامعة محمد الخامس بالرباط، وقد استهل هذه الجلسة الدكتور جان لوك بيريز JEAN LUC PEREZ ، رئيس مركز التفكير بالأمم المتحدة Cercle de Réflexion des Nations (CRN) ، وهو أستاذ باحث في جامعة فلوريدا (الولايات المتحدة)، بكلمة باللغة الفرنسية تحت عنوان:” التصوف وتدبير الأزمات : دور البعد الروحي في الحكامة الجيدة” تحدث فيها على أن الإنسانية اليوم تعيش أزمات عديدة تفرقها السياسة والاقتصاد، وأشار إلى دور التربية الصوفية والبعد الروحي انطلاقا من تجربته الشخصية مع الطريقة القادرية البودشيشية في ربط القلوب والأرواح بخالقها لتجاوز تأثيرات الأزمة الراهنة لجائحة كورونا.

أما المداخلة الثانية فكانت للدكتورة كورتني اروين، مستشارة مستقلة ومحامية متخصصة في الدراسات الإسلامية وحقوق الإنسان والتعليم الدولي والتبادل الثقافي بالرباط، تحت عنوان: “الحالات الأشد صعوبة بركة من الله بفضل التصوف”، قدمت من خلالها صور جمالية لمفهوم المحنة، وأصلت فيها لمعاني القولة الشهيرة “رُبّ محنةٍ حملت في طيِّها منحةً”، كما أكدت الباحثة من خلالها على أن علم التصوف يعتبر منارة توجيه توجهنا للخير وتصدنا عن الشر، وأوردت الباحثة كذلك دور الأزمات في التعرف على ذواتنا وعلى الآخر، مؤكدة على الدور الأساسي لعلم التصوف في إشاعة المحبة والتعارف والثقة.

فيما كانت المداخلة الثالثة للدكتور أحمد غاني، متخصص في أصول الفقه ومقاصد الشريعة بفاس؛ والتي جاءت تحت عنوان:” التصوف والأزمات: حاكم الأرض الجديد”، تناول فيها مظاهر هذا “الحاكم الجديد” والتي تتجلى في “اشتراكية المرض” وذهول وعجز البشرية أمام هذا الوباء الذي ترتبت عنه تداعيات وخيمة على مختلف مناحي الحياة البشرية، والتي عرت على هشاشة العولمة وضعف الجانب الإنساني وحاجته القصوى إلى التعاون والتآزر لمواجهة الأزمة الراهنة لكوفيد19، كما أبرز حاجة البشرية إلى الرجوع الى الله تعالى والتحلي بالقيم السامية للدين الإسلامي.

لتتلوها مداخلة الدكتورة ماجدة بنحيون أستاذة التعليم العالي ؛ التي تناولت موضوع:” أزمة الأوبئة ودور المتصوفة في تطويقها” أبرزت من خلالها الدور الهام للصوفية في تدبير الأزمات خلال فترات الأوبئة كوباء الطاعون، وذلك من خلال عرض نماذج تاريخية يزخر بها تاريخ المغرب من كتابات ودراسات تاريخية، كما نوهت المتدخلة بأهمية المناظرات الفقهية في القضايا الصحية والوبائية، مبرزة الدينامية المجتمعية للمغرب آنذاك، وفي الأخير أشارت إلى ما أفرزته الأوبئة في تاريخ المغرب من إنتاج طبي وأدبي وفقهي، تمحور بالخصوص حول الجانبين الاجتماعي والاقتصادي في تدبير الأزمات وتأطير المجتمع في مقاومة الأوبئة.

لتعقبها مداخلة الدكتور عبد الصمد اليزيدي، الأمين العام للمجلس الاعلى للمسلمين في ألمانيا الذي تناول موضوع: “مسلمو ألمانيا بين محن كورونا ومنحها”، طرح فيها تأثير الأزمة العالمية لكوفيد 19 على الجالية المسلمة بأوروبا والألمانية بالخصوص، كما أوضح الوظيفة الإجتماعيّة للمساجد ودور العبادة في ألمانيا والتي شكلت أماكن للتّكافل والتضامن بين المسلمين وغيرهم والتّراحم من خلال جمع التبرعات والصّدقات وتنظيمها وتوزيعها على المتضررين، وأكد الدكتور اليزيدي، أن مشاركة جميع الديانات والعقائد الأخرى في الدعاء والتضرع إلى الله سبحانه وتعالى ‏هو السبيل الأمثل لتحويل فاجعة الوباء إلى فرصة للتضامن والنظر للمستقبل بعيون الأخوّة والمحبة.

وتناول الدكتور جون برينو فالجرير JEAN BRUNO FALGUIERE، كاتب و عالم في التحليل النفسي من فرنسا، في الكلمة العلمية السادسة باللغة الفرنسية، ما يعيشه الإنسان المعاصر من حالة اغترابيَّة تحت تأثير الطفرات الهائلة للتغيُّر والتحوُّل نحو الفردانية في مختلف جوانب الحياة ومكوّنات الوجود الاجتماعي والثقافي، في ظل هذه التحوّلات الصاعقة والمذهلة أفقيا وعموديّا، حيث بدأ الإنسان المعاصر يواجه حالة من التصدُّع الأخلاقي والوجداني، مضيفا أن السبيل للوصول إلى المعنى الدقيق للفطرة الإنسانية السليمة هو الالتفاف حول القيم الإنسانية المثلى والتي تدعو لنشر المحبة والود بين الناس، وهي القيم التي وجدها في التصوف من خلال الطريقة القادرية البودشيشية.

وكانت المداخلة الأخيرة في هذه الجلسة للدكتور عبد اللطيف البكدوري الأشقري، عضو المجلس العلمي للرباط، تناول فيها “دور إمارة المؤمنين والمشيخات الصوفية في تدبير بعض الأزمات الإفريقية”، مسلطا الضوء على أهمية ورمزية إمارة المؤمنين كإحدى الثوابت المشتركة بين المملكة المغربية وبين البلدان الإفريقية وكذلك الطرق الصوفية وكعامل وحدة بينهما، مبرزا التعلق الكبير للصوفية والعلماء الأفارقة بمؤسسة إمارة المؤمنين، والتي يرون فيها تجليا للإسلام الحنيف، كما أبرز الباحث قيم التضامن والتكافل لإمارة المؤمنين، من خلال تقديم مساعدات إنسانية تضامنية الى هذه الشعوب الافريقية.

لتختتم الجلسة بوصلة من السماع الصوفي من أداء المجموعة الوطنية للطريقة القادرية البودشيشية للسماع والمديح.

Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *