يعاني العالم اليوم من أزمات متعددة ولعل آخرها أزمة كورونا تلك الأزمة التي آرقت مضجع العالم بأسره و أصابت الجميع بالهلع والخوف ولعل مصر كانت حجر الزاوية في هذا الرهان حيث أنها تحارب داخليا وخارجيا في آن واحد!.
فكان حربها داخليا ضد خلايا الإرهاب اللعين في سيناء جميعها وفي داخل الدولة لمواجهة ارتكازات التنظيم في كافة المخابئ، ومؤخرا فيروس كورونا كما أوضحنا وبما له من تداعيات ومخاطر على الأمن القومي والمجتمع، وخارجيا بالدفاع عن أمنها القومي وفق ملفات ساخنة وشائكة كملف سد النهضة وملف الحدود المصرية وعرقلة أطماع توغل الأغا العثماني وأعوانه في المنطقة والخروج من مؤامرة الخريف العربي المزعوم الذي لم نجني منه غير خيبة الأمل والعمالة والتقسيم وما حدث في بعض دول الجوار خير شاهد على ذلك.
(سئل احد قادة الدولة المهلهلة عن المصير فأجاب إجابة تبرهن على قوة مصر في حلبة الصراع فقرر قائلا:طالما مصر بخير فسنعود وبقوة)!، وفي ظل هذه الحرب الضروس كان من الواجب اللزام هنا أن نسلط بعضا من الأضواء الكاشفة تجاه التصوف بصفته قوى ناعمة كبيرة لها تأثيرها الفكري والوجداني في ضمير الأمة .
كان التصوف ولم يزل حصنا روحانيا كبيرا؛تهرع نحو حصنه الحصين الأمم؛وتعتصم بستار خلواته الدنيا بأسرها وقت المحن والشدائد، كيف لا وقد عرف الصوفية بقربهم من خالقهم بما لهم من نافذة روحانية يطلون من خلالها على العالم الآخر ولا يدعون بذلك مزية على غيرهم؛فجلهم قابعون تحت مجريات الأقدار.
لقد دفع الصوفية الضريبة عبر مواقفهم الثابته عبر تاريخهم الطويل
على سبيل المثال لا الحصر نجدهم احتلوا جزءاً كبيراً في وقتنا الراهن من أدوات”داعش” الإعلامية في الفترة الأخيرة، سواء بتهديد مباشر للشخوص؛ حيث قتل التنظيم الشيخ سليمان أبو حراز أكبر شيوخ الصوفية في سيناء، أو غير مباشر عن طريق هدم محرماتهم كالأضرحة؛ حيث هدموا ضريح الشيخ سليم أبو جرير بقرية مزار غرب العريش، وضريح الشيخ حميد بمنطقة المغارة وسط سيناء.
بالتالي يمكن القول، انّ الصوفية ما تزال على رأس قوائم “داعش” وفقاً للرسالة الإعلامية التي أطلقها التنظيم لعناصره عبر أحد إصداراته، والتي فيها تحريض واضح وصريح على قتل المتصوفة باعتبارهم مشركين وينشرون البدع.
ولكن التنظيم ذاته في أيامه الأخيرة يكاد أن يلفظ أنفاسه بعد إحكام الجيش قبضته وتضييق الخناق عليه وتوجيه الضربات القاتلة والموجعة و بتجفيف منابع الإرهاب وهدم الانفاق وقطع كافة وسائل الاتصال مع التنظيم سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، وبهذا نرى؛؛أن ديار القوم من أهل التصوف الحق كانت وستظل قبلة كل باحث عن الحقيقة؛ ووجهة كل سائر نحو الحق والفضيلة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين.
فسجلت صفحات التاريخ لأهل الله جميعهم أنه:لم يكن تصوفهم انعزالا عن الحياة وانطوائية بل كانوا رهبانا بالليل؛فرسانا بالنهار؛مشاركين لقضايا أوطانهم؛حاملين هموم أمتهم بعالميها العربي والإسلامي، ومضبطة التصوف تكذب المفترين على رجالاته أبد الدهر بمواقف لا تقبل الشك أو المزايدة بأي حال من الأحوال، فكثير من الحقائق شوهت؛وكثير منها لاكته أفواه غير المنصفين هنا وهناك.
فحين نظر أهل الدنيا إلى الظاهر كان هناك أهل من ينظرون إلى الباطن بنظرة غيبية لها أصولها التشريعية عن سلف الأمة الحق لا متمسلفي اليوم.
وليت شعري:ألم يتحرك القطب النبوي السيد أحمد البدوي رضي الله عنه من طندتا(طنطا حاليا) مقاتلا الصليبيين هو ومريديه من أهل التصوف أصحاب المدرسة السطوحية الأحمدية التى ربى فيها شيخ العرب أصحابه على مجاهدة النفس(العدو الأكبر)ومن ثم مجاهدة أعداء الإسلام والأوطان(العدو الأصغر)
وبذلك نراه استمد فلسفته الجهادية من سنة ومنهج جده رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فكيف يتغلب على عدوه من هزمته نفسه مرات ومرات؟
وغيره الكثير والكثير من أقطاب التصوف كأبي الحسن الشاذلي وسيدي إبراهيم الدسوقي والعز بن عبدالسلام، ومثلت الصوفية في فترات تاريخية، خصوصا في أوقات الأزمات، أبرز صور الفاعلية الدينية والسياسية والاجتماعية للإسلام وحفظ استقلال واستقرار الأوطان وبث الطمأنينة والسلام في المجتمعات.
لا سيما انها تحمل خطابا روحيا وتربويا أساسيا في مواجهة الإرهاب والتطرف. فهي ترقق القلوب وتشغل الفراغ الروحي، بل و يحمل التصوف في جعبته أفكارا وسطية بشكل عام.
فتحمل كتبهم العملاقة كالحكم العطائية، و منازل السائرين، قيما تقوم بالأساس على الحب الإلهي في شتى سبل الحياة بشكل يمنع المؤمن وينزهه عن الخطأ، ليس فقط خوفا من العقاب، لكن تقديرا وعشقا للذات الإلهية.