“أشاهِد بعيون قلبي” (٣).. بقلم حضرة الشيخ عبد الرؤوف اليماني الحسيني _مرشد صوفية الصين

"الحبيب اليمانى".. مرشد الصوفية في الصين وحوله مربدوه

ترجمة الأستاذة : عُهُود الْقُرَشِي

 

أشاهِد بعيون قلبي… زهرةٌ هي دُنْيانا، بيْد أنّ باقةَ الزّهورِ آخِرةٌ فيها غِنَانَا، تبَيّنَ أنّ الضّالِّين يَأخُذانِهما على مَحْمَلٍ معكوس، الزّهور بأكملها مُلقاة على الأرض، وهو بالشّبح المُمْتثِل على المرآة مهوُوس، لكنّه غافل عن الشّيء الحقيقيّ الكائنِ خارجها.

 

أشاهِد بعيون قلبي، فَيَظهَر أنّ كافّة المؤمنين الحقيقيّين ماثلون خارج المرآة. أُضيئت بهذه الحياةِ سجِيَّتُه، و بِبارِئه اكتفى قلبُه. فلم تَعُد تنتمي لهذا العالَم تصرّفاتُه.

 

أشاهِد بعيون قلبي أُناسًا تندفِع أرواحُهم مسرعة تحمل الأجسادَ خلْف الظُّهْران. بعضهم يَزيدُ من كُتلة جسمه، وبعضهم يَزيدُ من نور روحه. فتَجِدُ لِبعضهم أجسادًا ضخمة، و لِبعضهم أرواحًا تُعادِل بِعَظَمَتِها ضخامة الجبال. جسدي تُدَثِّرُهُ روحي، لذا أعجَلُ لربّي أحمدُهُ و أشكُرُه .

 

أشاهِد بعيون قلبي أن الصّوفيّ صيّاد قديم حقًّا، لكنّ الإسلام كالمُحيط، لا حدّ له، والتَّكِيَّة ليست إلّا سلّة صيد. لستُ أَدْري بشأن السّمك الذي بالدّاخل، إن كان سيُصادُ أو يُطلَقُ سراحُه، إلى الفَجْر لازلتُ صامتًا أراقِب.

 

أشاهِد بعيون قلبي، فأجِدُني أقوى أن أسمع بلا أذنيْن و أرى بلا عينيْن، أمشي بلا قدميْن و أطير بلا جناحيْن، آخذ بلا يَدَيْن وأَعرف مِن دون تخمين. قرأتُ في عُجَالة: “الحَمْدُ.. أَجْمَعُهُ للّه!” و “محياي و مماتي، سجودي وتضحياتي كلّها في سبيل اللّه ربّ العرش العظيم”.

 

أشاهِد بعيون قلبي أنّ أَتْباع الصّوفيّة قد لا يستطيعون دخول الجنّة. إكتمَلَتْ بشريّةُ البعض، و انتصفتْ عند البعض الآخَر، بعضهم لم يَزِد عن أن ارتدى من ثِياب البشر، وبعضهم سُلِب من قِبَل الشّيطان. لكنّهم مشغولون جميعًا في نزاعٍ مع أنفسهم. لباسًا… أنا لا أرتدي، على قلبي أضعُ يدي.

 

أشاهِد بعيون قلبي، وأرى النّيّة الحسَنة قد كُتِبَتْ على اللّوح المحفوظ مقرونةً بثوابها. “فإنّما الأعمال بالنّيّات”. أقوالٌ وأفعالٌ بين العَشرة و السّبعين تراوحتْ حسناتُها. لذا، لا تَقْتَصِرْ على الفِكْر بمعزلٍ عن الفِعْل.

 

أشاهِد بعيون قلبي، رِزْقُ حياةِ المرْءِ بأكملِها مكتوبٌ. ستأكل رزقَك أينما وُجِد، ولن تُبْرَحَ مُقامَكَ مادام رزقُك فيه مُطَّرِد.. نصيبُك آتيكَ ولو كان على بُعدِ آلاف الأميال؛ و إن لم يكن من حظِّكَ فأنتَ فاقدُهُ ولو استقِرَّ بفَمِك.كذلك هناك قائمة بأسماء أناسٍ سيأكلون من وليمة الجنّة. مُدّةُ العُمُر قَطْعًا ستنتهي، فلماذا لا أزال أقلقُ من رزقٍ ذي قِلَّة؟

Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *