أشاهِد بعيون قلبي، أنا بالفعل عبدٌ هارب، فارٌّ من جَنْب اللّهِ ومُرتاح مؤقّتًا في الحياة الدنيا، حين يدعوني ربّي بعد إكتمال إختباره، جزمًا سأعود إليه لأُحاسَب.
أشاهِد بعيون قلبي، فأرى خطايا روحي ما تزال ملطَّخةً بِبُقَعٍ لا تنتهي لا أقْدِر على شيءٍ سوى أن “أُتابع نشْر الإسلام لأَجْل الرسولِ ﷺ”، فأستعمِل ذلك كَفُرشاة، وألتقط صابون التّوْبَة، وأُغرِق نفسي في نبع التقوى وتكفير الذّنوب … لكنّني خائفٌ ولازلتُ غير مطمئِن، لذلك نَذَرْتُ نفسي في سبيل الشّهادة،حُبّ الحقيقةِ يَحرِق قلبي، وإلى الخَليقة الأولى يعُودُ بي!
أشاهِد بعيون قلبي، فأَلمَح العديد من المعارف باتتْ كَجُثث متحرّكة حتّى أنّني أرى الشياطين ملتصقة به، أولئك الغرباء قد اسْوَدُّوا وتعفّنوا. في حين أنّ رؤيتك يا زميل الطريقةِ، بروحِك التي تُشبه جبلًا أبيضًا متوهّجًا، تُحِيل إلى أنّك قد أَنرْتَ إحدى الوِجْهاتِ. سالكًا سبيل النّبي ﷺ واعظًا بالإسلام الحقّ. بعض النّاس تُصدَم حتّى الموت، وبعضها تستفيق بفضلك. قال لي ملاك: “رغم أنّك لستَ نبيًّا، فقدْ أُنزِلتَ مَنْزِلَتَهُ. أودُّ معانقتَك!”
أشاهِد بعيون قلبي، فيبدو النّاسُ جميعًا كَهَيَاكِل، وحيواتهم مجرّد أوهام، وأنا ميِّت لا مَحالة، لأنّ العائدون من الآخرة إلى هذه الحياة هُم الأكثر تقوى، ونحن نَسِيرُ تمامًا على هذا المِنْوال.
أشاهِد بعيون قلبي، أنّ رزقي استُنفِذ وبركاتي، وقد جاء ملَك الموت يُناديني، لِذا أستيقظ ليلًا مُستعجِلًا… أعبُدُ اللّه، فُقدان كل ما في الدّنيا، لا أخافُهُ ولا أخشاه.
أشاهِد بعيون قلبي،حياتنا مجرّد ممرٍّ لا أكثر، كثير من النّاس وُلِدَ على الطّريق، يجري به الزّمانُ، فيتَقدّم في السّن ويكبُر، وحين يَجتاز بوّابة المدينة، يَرقُد في ضيْقِ جوْفِ القبْر.
أشاهِد بعيون قلبي، أكتشِف أنّ ملَكَ الموت جزّارٌ! وأنتم بقَرٌ وأغنامٌ مقيّدةٌ بعلاماتٍ مُنذِرةٍ باقترابِ لحظةِ الذّبْح! وأنا بالفِعل واحدٌ منكم! أسبِّح على عجَلٍ مُسابقًا نَفَسِي المحدود، خاشيًا أن يَنقطِع تسْبيحي.
أشاهِد بعيون قلبي وأرى جدارًا كُتِب عليه: “الحياةُ الدّنيا لا تتجاوز أن تكون عطِيّةً تُهداك قبْل الممات وضحِكُ الدّنيا بِرُمَّتِهِ ما هو إلّا رفاهية بسيطة، تَسعَدُ بها مادُمت تَحْيَا على البسيطة، المالُ والبنونَ زينةُ الحياةِ الفانِيَة، الشّدائدُ تُذكِّرُك بهذه الدّنيا، والرّضا سُمٌّ يُفقِدكَ الآخرة.”
أشاهِد بعيون قلبي تحوُّلَ هذه الحياة تدريجيًا إلى بحيرةِ نبيذٍ مخمور والنّاس الّتي لا تَشرَبُ لا يُرْوى عطَشُها مِن تمَّ، فأنا أشرَب ولا أثْمَل،لذلك غالبًا ما أذرِف دموع التّوبة.