شرح مستويات ومقامات الصوفية.. بقلم فضيلة الشيخ عبد الرؤوف اليماني الحسيني مرشد صوفية الصين

عبدالرؤوف اليمانى... شيخ الصوفية الصين وحوله مريدوه

 

شرح مستويات ومقامات الصوفية.. بقلم فضيلة الشيخ عبد الرؤوف اليماني الحسيني مرشد صوفية الصين

 

1. القطب، محور الأرض، المركز

 

القطب هو عبد مُنح المقام المحوري لمعرفة الله. هو خليفة الرسول الكريم ﷺ، ومن وُكِّلت إليه المهمّة الجليلة. من بمقدوره نزع القشرة ورؤية اللب. هو العارف الذي باستطاعته بلوغ الجوهر والمالك للحقيقة المطلقة. هو المتفرِّد الذي لا مثيل له في عصره. هو عبد يتأتّى له لقاء الله وقتما شاء، هو الشخص الجوهري ومن خُلق أساسا على قلب سيدنا محمد ﷺ. هو الأفضل في عصره على الإطلاق، ومن سيأذن له رب العالمين بأن يكون شفيعا للناس. لديه إدراك ثابت لأصل المعرفة بالله العليم، الشيء الذي أوصله إلى منزلة الكمال الإنساني.

“وٱلنَّجۡمِ إِذَا هَوَىٰ (١) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمۡ وَمَا غَوَىٰ (٢) وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلۡهَوَىٰٓ (٣) إِنۡ هُوَ إِلَّا وَحۡىٌ۬ يُوحَىٰ (٤) عَلَّمَهُۥ شَدِيدُ ٱلۡقُوَىٰ (٥) ذُو مِرَّةٍ۬ فَٱسۡتَوَىٰ (٦) وَهُوَ بِٱلۡأُفُقِٱلۡأَعۡلَىٰ (٧) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّىٰ (٨) فَكَانَ قَابَ قَوۡسَيۡنِأَوۡأَدۡنَىٰ (٩)” سورة النجم.

الشخص الجوهري هو الشخص الذي بلغ المقام الأسمى، مقام محور الأرض (القطب)، : هو مركز التسيير الكوني ورائد النور المتبقي عن رسول الله ﷺ، هو الشيخ الأكبر، قد وُهب النبوءة، مقام قاب قوسين أو أدنى، وهذا تجلّ واضح لدرجته العليا. هنالك نصف دائرة تنحدر من عالم الروح ونصف دائرة تُبعث وتعود إلى الله في الآخرة.

انحدر القطب من عالم الروح إلى هذا العالم المادي، مؤديا دور المرشد الوسيط على أرض الاختبار الرحيمة هاته. وهو نصف الدائرة الآخر الآخذ بأيدي العباد المبارَكين إلى الفلاح، ليعودوا بعد البعث إلى موطنهم الأصلي وإلى الله الرحيم. إنه المرشد الذي يقود المبارَكين من الأمة لإكمال دورة الدائرة، وهو المرشد صاحب الدرجة المثالية الشبيهة بالدائرة. ارتقى مقامه فنال نور نصفي الدائرة معا ونور المقام النبوي (قاب قوسين أو أدنى). خُلق من جوهر روح سيد الخلق ﷺ، يُسّر له الاطلاع على حال مريديه وقتما شاء، ومُنح الشفاعة للآخرين.

هو المرشد ذو المقام الأعلى، والمستنسِخ لنور النبي ﷺ، كإضافة ملح لماء البئر ليضاهي طعمه ماء البحر. يُستدلّ على عظمة النور الحقيقي للشمس (النبي ﷺ) بشدة بريق ما خلَّفتْ من أشعتها (القطب)، وعليه فإن الهادي هو سيد القوة لدين الإسلام وكذا سر الروح. وهو في حد ذاته دليل على أن روحه خُلقت من الهيئة المحمدية الأصلية. هو صاحب الكرامات ومن بيده كشف الدلائل.

القطب:

1. يرث ميراث ومهمات وكرامات قطب الجيل السابق
2. هو إمام عصره (صاحب الزمان)
3. بيده قوة الدين وله القدرة على تخفيف الهموم (صاحب الرسالة)
4. هو قائد الإمامين المساعدين
5. لديه الأوتاد المثبتة لدين الإسلام.
6. له بدائل
7. معلم نظري (صاحب الإرشاد)
8. هو خليفة الله
9. لديه أربعة من حاملي الحجّة البيّنة (ذوي البيّنة)، وأربعة من حاملي المعجزة (ذوي المعجزة)، وأربعة من حملة النبوّة (ذوي النبوّة)، وأربعة من أصحاب الولاية (ذوي الولاية).

2. إمامان (واحد على يمين القطب والثاني على يساره)
أحد الإمامين هو مرشد الطريقة والآخر يكون من علماء الحقيقة. بأمر من الله يكون هذان الإمامان خليفتي القطب والشاهدين على وجود الله تعالى.

يكون نظر عالِم الحقيقة على عالَم المُلك، هو مرآة للعالم المادي الظاهري الملموس. مكان ولادته، إقامته وأي جيل سيدخل تحت إرشاده، جميعها معطيات غير ثابتة وقابلة للتغيير. (يمكن تغيير منطقة نفوذه وكذا البلاد والفئات العرقية المستهدفَة).

مرشد الطريقة هو مرآة عالم الروح (الملكوت)، وضياء عالم الروح والعالم الروحي (الفكري)، مكان ولادته، إقامته وأي جيل سيدخل تحت إرشاده، جميعها معطيات ثابتة وغير قابلة للتغيير. (البلاد والمناطق التابعة لنفوذه مقدّرة مسبقا وثابتة، كما هو الحال بالنسبة للجهة التي سيقيم فيها وترتيبه الزمني بين أجيال المرشدين، كلها ثوابت لا يمكن تغييرها).

“يَـٰٓأَيُّہَاٱلَّذِينَءَامَنُوٓاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِى ٱلۡأَمۡرِمِنكُمۡ‌ۖ”. (النساء، 59)

وهنا “أولي الأمر منكم” التي تتضمنها الآية الكريمة تشير بشكل ما إلى الإمامين: مرشد الطريقة وعالم الحقيقة (الوزيران على يمين ويسار القطب).

على اليمين، يتمركز مرشد الطريقة، سيد أسرار عالَم الملكوت والمرآة التي تعكس نور القطب على ذلك العالَم. منزلته الخلافة ويكشف عن الصورة الأصلية لجوهر الوجود المادي. هو المرشد الحامل للحقيقة، ومن يستطيع إعادة إحياء معجزات الأنبياء وإظهار الكرامات. مكان ولادته، إقامته وأي جيل سيدخل تحت إرشاده هي معطيات راسخة لا يطرأ عليها أي تغيير. هو خليفة القطب ومرشد الطريقة الوحيد في زمانه.

أما عالم الحقيقة فيتمركز على اليسار، وهو المرآة التي تنير عالم المُلك والعالم المادي. إنه الهادي والوسيط الذي يعلو بالبشر من العالم المادي إلى العالم الروحي، ومن الجسد المادي إلى عالم الروح. له تأثير على قلوب الناس يجعلها ترتقي إلى حالة من نكران الذات في سبيل الله، وتتحوّل من حالة نكران الذات هذه إلى حال الشوق إلى الله، ومن حال حب الله إلى حال التضحية من أجله عز وجل. هو مرشد وبديل يهدي الناس إلى السبيل الجاعلة منهم أناسا كُمّلا ذوي مراتب عالية.

مظهره: الزهد ← دخول العالم الحقيقي ← فعل الخير ← ترك الشر

باطنه: النزاهة ← التقوى والولاء ← الضمير الحي (المؤنِّب عند تذكّر الذنب) ← التفكّر

استعارات هؤلاء الثلاثة (القطب وإماماه):
كرسول الله الكريم ﷺ الذي لا يزال بيننا حتّى الآن، والشيخ الذي يلمع ضياؤه في كل أرجاء الأرض والسماء؛ أويس القرني الذي اكتسى بردة رسولنا ﷺ الشريفة؛ ومعاذ الذي كان مرتديا لقلنسوته ﷺ (المصنوعة على صورة العرش بستة جوانب وست زوايا)، كان معتليا عندها جمله الأبيض متأهّبًا للانطلاق نحو اليمن بأمر من رسول الله ﷺ، حينما خطا ﷺ سبع خطوات على يسار رَكوب سيدنا معاذ وثماني خطوات على يمينه.

علاقة القطب بإماميه تشبه علاقة الرسول ﷺ بخلفائه الأربعة، وتشبه في ذات الوقت العرش والكرسي. كما قال الله تعالى:
“إِنَّا نَحۡنُنُحۡىِٱلۡمَوۡتَىٰوَنَڪۡتُبُ مَا قَدَّمُواْ وَءَاثَـٰرَهُمۡۚوَكُلَّ شَىۡءٍأَحۡصَيۡنَـٰهُفِىٓ إِمَامٍ۬ مُّبِينٍ۬”. (يـس، 12)

“أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ۬ مِّن رَّبِّهِۦوَيَتۡلُوهُ شَاهِدٌ۬ مِّنۡهُ وَمِن قَبۡلِهِۦكِتَـٰبُمُوسَىٰٓإِمَامً۬اوَرَحۡمَةً‌ۚأُوْلَـٰٓٮِٕكَيُؤۡمِنُونَبِهِۦ‌ۚ وَمَن يَكۡفُرۡبِهِۦ مِنَ ٱلۡأَحۡزَابِفَٱلنَّارُمَوۡعِدُهُۥ‌ۚ فَلَا تَكُ فِىمِرۡيَةٍ۬ مِّنۡهُ‌ۚ إِنَّهُ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّكَ وَلَـٰكِنَّأَڪۡثَرَٱلنَّاسِ لَا يُؤۡمِنُونَ”. (هود، 17)

يُعتبر القطب “نموذجا في الفهم” و “معلِّما للجميع”. مثله مثل خليفتي النبي ﷺ أبو بكر وعمر رضي الله عنهما.
يُعدّ القطب -العبد الذي منحه الله مقام النبوة- تجلٍّ لنور النبي ﷺ ووليّ الأمر في زمانه. إضافة إلى أنه بلغ من حيث الإمامة مقام النبي إبراهيم وابنيه إسماعيل وإسحاق عليهم جميعا الصلاة والسلام وكذا مقام حفيدي الرسول ﷺ الحسن والحسين رضي الله عنهما وأرضاهما. هم منذ البداية، كانوا قد كُرّموا وجُبلوا على التقوى، ما تقرّر عنه تميُّز طبيعتهم بأصالة الخليقة الأوّلية. بناءا على ذلك، لُقّب الإمامان بخادم ٱلْمَلِك وخادم الربّ.

يقوم الدين الإسلامي على اعتقاد أن كل شيء متحقِّق بأمر من الله. وبطريقة ما، فإن مكان ظهور تلك الأشياء والسبب وراء تحقّقها تتصل اتصالا مباشرا بالقطب والإمامين. بمقدور القطب إظهار أصل مختلف الأشياء، كذا الموافقة عليها أو تقنينها. في كل عصر يلتقي قطب ذلك الزمان بالله عز وجل، فيكشف ذلك اللقاء عن مقام منزلته ويؤكد على مصداقيتها. لكل قطب أفعال وأعمال تصرّح بطبيعة مهمّته.

فتجد مثلا أن وظيفة الإمام الذي على اليمين مرتكزة بالأساس على البكاء والدعاء من أجل الشفاعة للعالمين، فتلقاه دوما متعهِّدًا على نفسه بالابتهال، منفقًا دموعه في سبيل انقاذ العالم. يبكي باستمرار متضرّعا لله أن يرحم عباده ويهديهم إلى سواء السبيل. يصبو إلى عودتهم إلى الطريق السويّ، ونيلهم عون الله ببركة دعائه لهم بالمَدد. ويطلب الله تعالى أن يفيض بحبه العظيم عليهم. هو شخص يفي بالعهد ولا ينتهك حرمات الله. يحث الناس على أن يؤدوا دورهم وفقًا لما أقامهم الله فيه. كما خصّه الله كذلك بالقدرة على إخضاع الشياطين. بإذن من الله يتأتّى له التناهي إلى حالة روحانية راقية يلتقي فيها مع ربه عز وجل، وبوسعه أيضًا رؤية جنّة الخُلد و الإحاطة بحقائقها.

الإمام الذي على اليسار هو الإمام المجاور. يُحكى أن لروحه 90 جناحًا. نقطة بداية مقامه ونقطة نهايته تُحدَّدان بحالة قلبه وعقله. من خلاله تتجلّى أسماء الله الحسنى، وبالصفات الربانية يتصبّغ طبعه. بوسعه التحكم في نار جهنّم وكذا التحكم في الروح. في وقت الشدائد، يمكن للناس أن يستنجدوا به ليسأل لهم الله رفع البليّة. هو مرآة للمقام الحقيقي حيث تظهر الطبيعة الإلهية، وهو سيد الزمان والمكان. يحمل أسرار قدرة الله وأسرار أسمائه الحسنى. ووُهب علمًا وقدرات غير طبيعية.

3. الأوتاد الأربعة وهم تحت الإمامين
أسماؤهم كالتالي:
عبد الحي: حياتهم وعلمهم وإرادتهم وكل قدراتهم لله سبحانه.
عبد العليم: يصومون في معظم الوقت، يتهجّدون في الليل، ويطيعون الله ويستغفرونه.
عبد المريد: يتوكّلون على الله، يثقون فيه، يفوّضون أمرهم إليه، يهبون أنفسهم له، مرادهم مطابق لمراده وصنعهم كلّه خالص لوجهه الكريم.
عبد القدير: مأمورون بالتنفيذ ويقومون بأي شيء ابتغاء وجه ربهم.
هم:
أوتاد الشرق (مكة وبلاد الصين)
أوتاد الغرب (سوريا)
أوتاد الجنوب (العراق)
أوتاد الشمال (اليمن).

من خلالهم تتجلى مظاهر وجود الله، متعهِّدون برعاية جهات الأرض الأربع (الشرق، الغرب، الجنوب والشمال)، جُبلوا على شمائل الخلفاء الراشدين، هم حاملوا الأسرار -التي بأمر من الله- إن أرادوا أظهروها للناس، فعرف الناس مقامهم (مقام الأوتاد)، وإن لم يريدوا أخفوها، فلم يُميَّزوا من بين العامّة، وهم الأعلى مقاما بين الأولياء.

يقومون بأي شيء من أجل الله، ينفّذون أوامره ويهبون أنفسهم له جل في علاه، غير أنانيون ولا مغرورون،
لوحدهم ودون دراية الناس بهم يبنون الطريق الموصل إلى الله.

4. الأبدال السبعة العظماء
هم بدائل يُوزَّعون على الأقاليم السبعة للعالم. يكونون على قلب إبراهيم عليه الصلاة والسلام (إذا توفي أحدهم، أقام الله محله بديلا آخر). من خلالهم تتجلى مظاهر وجود لله. هنالك 396 وليّا يخضعون لسلطة الأبدال السبعة، لكل منهم إسم من أسماء الله وصفة من صفاته عز وجل.

منهم ثلاثمائة على قلب آدم عليه السلام، أبانوا جميعا عن فضائل جمّة تُظهر صفات الله وأسمائه. ومنهم أربعون على قلب نوح عليه السلام. وسبعة على قلب إبراهيم عليه السلام. وخمسة على قلب جبريل عليه السلام. وثلاثة على قلب ميكائيل عليه السلام. وواحد على قلب إسرافيل عليه السلام. وعشرة على قلب داوود عليه السلام.

يذكرون الله ويكبّرونه بقلوبهم وألسنتهم، وفيهم تتجلى الدلالات الكبرى على الوجود الإلهي. مستنيرون بالنور الحقيقي لمحبة الله، مهديون منه سبحانه بتمسّكهم بالطريق المستقيم. هم مطيعون، مثابرون، متفحِّصون، مطهَّرون، مميَّزون بنقاء العقول والأجسام، وممنوحون مِنَنًا خاصة من عند الله.

زادهم الله صلاحا وحُسنا وحِلية، وأضفى عليهم تاجًا مبهَما ومستورا يكشِف كنوزا خفية في أفئدتهم ويُبدي المعجزات، أفئدة تنعم بقرب الله وتتصل به جل جلاله. يعرفون حق المعرفة خريطة الدرب الموصل لله، ويستطيعون رؤية آثار أقدام أولئك الظافرين مسبقا بقربه، يحيطون علما بالماضي والحاضر والمستقبل بما أذِن لهم الله به، وينتسبون لمقام الحكمة والفضيلة. تعْلم من أفعالهم وأقوالهم أنهمطابقوا مرادهم على مراد ربهم، يبذلون جملة كدّهم وكفاحهم في سبيل الدّين، ويضعون ذلك موضع وُجوب ولزوم، اعتبارا منهم أنهم عباد الله وأن ذلك ما يتحتم على العباد القيام به. لا ينفقون نفسا يخلو من ذكر الله وتتخلل التقوى سائر سلوكياتهم. بحفظ رب العالمين لهم لا يخرجون عن طاعته ولا يعارضون مشيئته. خلال رحلة تقرّبهم إلى الله، يدخلون أحيانًا في الحضرة الإلهية، لكنهم لا يدَعون أنفسهم أبدًا تهيم قيد أنملة بعيدا عنه سبحانه في مجمل حياتهم، إنما يحاولون بكل قوتهم استمرار خط وصلهم وقربهم منه عز وجل.

جميعهم أرواح مقدّسة. إلى أن تقوم القيامة، ستظل سوريا دائما بلد إقامة الأبدال الذين هم على قلب آدم عليه السلام، والعراق بلد إقامة من كان على قلب إبراهيم عليه السلام، واليمن بلد إقامة من كان على قلب عيسى عليه السلام، ومكة والصين بلدا إقامة من كان على قلب النبي محمد ﷺ.
في آخر الزمان، سيشفع -بإذن الله تعالى- أبدال الجهات السبع (وهم عباد مميزون بقدرات ملائكية وبمقدورهم الشفاعة كرسول الله ﷺ) لكلّ من آذته شياطين الإنس وشياطين الجن.
في آخر الزمان، سيغشو الأرض مناخ غير طبيعي يصل كل أرجاء العالم، ستزحف الكوارث من البر إلى البحر، وستُشنّ الحرب بين صحيح الإيمان والبدع، حينها لن يُقيَّد الأبدال بمراكزهم كما اعتادوا ولكن سيعملون معًا كيَد واحدة.

5 . النقباء الإثنا عشر وهم تحت الأبدال السبعة
في كل عصر، هنالك 300 شخص تحت الإثني عشر نقيبا، أولئك الذين تكشِف لهم دفائن أنفسهم كنوز علم الله، ومن يحيطون تمام الإحاطة بخفايا دواخلهم ويعرفون الله بعين إدراكهم لأنفسهم ولكل ما يحيط بهم.

هم قادة الأبراج الفلكية. لهم علم بخفايا الأسرار وبمبادئ العلم الفلكي، ويتّسع إدراكهم للحركات الخفيّة التي لا يتأتّى لعامّة الناس رصدها. مُلمّون بحقيقة العرش وبالألغاز الطّويّة. هم ثلاثمائة شخص في كل عصر، موزعون في مختلف بقع العالم، مسؤولون عن مهمات مختلفة، ويقودهم اثنا عشر نقيبا عظيما.

6. النجباء الثمانية العظماء تحت قيادة النقباء الاثني عشر العظماء
هم مرشدون وعِباد مميَّزون. تمتد سلطة ولايتهم لتعُمّ 40 فردا. هم بطبيعتهم طيبون، قادرون على تحمل الأعباء من أجل الآخرين، والمساعدة على تحسين الأوضاع. كما أنهم يفكرون في سعادة الجميع ولا يسْعون إلى تحقيق أي مكاسب شخصية لأنفسهم. هم من أهل البصيرة، لهم القدرة على الاطلاع على بواطن أنفسهم بإذن من الله. يُعتبر كل واحد منهم سلطان العلماء في عصر السلطة الإسلامية وفخر الدين والساعي لإثبات الوجود الإلهي. بمعرفتهم لأنفسهم يتعرّفون على الله، وانطلاقا من معرفتهم هذه بالله يصلون إلى مراتب أعمق وأرقى في التعرف عليه سبحانه، كما يبذلون ما في وُسعهم لممارسة الطريقة باعتقاد وعلم صحيحين من أجل اكتساب المعرفة الحقيقية.

هم أناس يتحملون الأعباء عن البشرية ويدعون الله تحسين الأوضاع وتخفيف حدة المحن. هم الأشخاص الاستثنائيون الذين يتضرعون إلى الله بإيثار ونكران للذات فقط لأجل سعادة البشر وليس لداعٍ آخر.

هم من تظهر عليهم صفة الرحمـٰن ومن لا يُلقون للمظاهر بالا. تتّسم مظاهرهم بالإخلاص، التواضع، أدب الأخلاق، التقوى، الثبات، محبة الله، الامتنان والإحساس بثقل النداء الداعي لإحياء الدين.

يمثل القطب امتدادا للنور النبوي، حيث تتّفق أخلاقه ومناقب الروح المحمّدية وتتجسّد فيه روحانية سيّد الخلق ﷺ. لكل عصر قطب وحيد يكون خليفة الله في أرضه. له من الصفات الإنسانية ما له من الصفات الربانية، وهو حجة صريحة على وجود الله (نظرا لما اجتباه به ربه من كرامات). وفي الحين نفسه، هو رمز للطبيعة البشرية (حيث أنه لا يقدر على شيء إلا بإذن الله). هو حلقة الوصل بين الخالق والخَلق، ومن خلاله يتجلى كرم الله اللامحدود وعزته وجلاله.

أعلى مقامات الصوفية يحوزها العبد الكامل العارف لله بحق، من تكتسي حاله صبغةَ روحانية رسول الله ﷺ، ومن يتأتى له هداية أفراد البشرية للعودة إلى فطرتهم والرجوع إلى مستقرّهم الأصلي (الجنّة).
هذا العبد هو عبد حاز الكمال البشري فانصبّت من خلاله بركات الله ونعمه الحقيقية لعباده. هو عبد ربّاني وُكِّل تقصّي خطى النّهج النّبوي والدعوة للإسلام تتمة لدعوته ﷺ. ووُلّي له مدّ يد العون لمن ظل طريق الهدى وهداية البشرية جمعاء لبلوغ بحر الرحمة الحقيقي.

الصوفية هي الطريق إلى الله، والهادي هو باب البيت. فمن يسعى لعبادة الله وترك المعاصي واجتناب النواهي، ومن يفعل الخير ويبحث عن الحقيقة سيُهدى للاجتماع بالهادي. بالتزام الهادي بأقوال وأفعال الرسول ﷺ يتأتّى له جمع العباد (المقدّر لهم اتّباعه مسبقا) وإرشادهم ليعودوا إلى الدّين الحق وليبْلغوا منزلة الأولياء والنبيّين.

بالوقوف على باب المولى، سيحظى المريدون بالدعم والسند من روحه الشريفة، وبه ستُرقّى أرواحهم وتكتسب نقاوة أرواح الملائكة. تحت قيادة المرشد، يمكن للمريد أن يبلغ منتهى الكمال البشري ويُستنار بنور الرسول ﷺ. جرّاء ذلك سيحصِّل المريد شفقا، به سيتمكّن من هداية الناس إلى سواء السبيل، وبه سيعتمد مرآة قلبه وسيلةً لتلقّي وعكس النور الحقيقي، فيُنوّر أفئدة من قدِّر لهم (حسب العلم السابق) أن يكونوا من أهل الإدراك والإيمان الحق والبركات.
بمقدوره معرفة أسرار عالم الروح في هذه الدنيا وحقيقة مقامه في الآخرة. تجده على أرض الاختبار هاته سالكا الدّرب الصّحيح، إلى أن يلِج حصن الإسلام وينال المقام المحمدي الشريف ويعود إلى ربّه ليحيا خالدا. حينذاك سيلتقي بالله، ويعيش مع رسول الله ﷺ، ويجالس أهل الجنّة بفضل الله.
حقّق الله أمانيكم. آمين!.

Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *