“المجلس الثقافي الكسنزاني رسالة إنسانية عالمية”… بقلم الباحث نوري جاسم

نهرو الكسنزان... رئيس الطريقة الكسنزانية بالعالم

 

إن الحياة اليوم في المجتمعات العالمية العصرية فقدت الكثير من الإيمان والمعاني والأحاسيس والمشاعر الجميلة والأخلاق والحب الصادق للحق والوفاء والأخلاص والإيثار والعدالة بنسبة كبيرة ، وهذا ما سبب ضعف كبير بالجانب الروحي لبني البشر، فغلبت في المجتمعات العالمية المادية، وبذلك فقدت قانون ضروري وأساسي لتحقيق التوازن بين الروح والمادة، وهو سر ديمومة الحياة، وهذا الخلل يخالف فطرية الوجود على وجه الأرض، وكذلك تفتقد البشرية اليوم لمنهاج منظم لتسديد مسار القيم والسلوك الروحي.

 

وأيضاً ظهور مجموعات كبيرة من الشباب المضطربين واليائيسن والحيارى الذين فقدوا تفسيرا واضحا لمعنى حياتهم وحقيقة وجودهم، وكثير منهم أصبح اقرب إلى الإلحاد، وتعاني المجتمعات العالمية اليوم من شتى أنواع المشاكل والأزمات الأخلاقية والاجتماعية في عصر العولمة، وانتشار الأمراض القلبية والباطنية والنفسية مثل الكذب والغش والنفاق والغيبة والنميمة والرياء والزنا وأكل أموال الحرام، وانتشار حالات الإغتصاب وتجارة الجنس والمخدرات وتعاطيها بين الشباب، وما نراه في أغلب دول العالم من هَرجٍ ومَرجٍ وفوضى واضطراب واقتتال وحروب وفتن وعنصرية وطائفية وتكفير، وعدم قبول الآخر، والصراعات بين الأديان والمذاهب، وسفك الدماء وقتل الأبرياء، وأن أم المشاكل لبني البشر هي الفراغ الروحي، الذي سبب الأضطرابات والأمراض النفسية والعصبية التي يعاني منها مئات الملايين من البشر حول العالم، كل هذه الأسباب والمشاكل وغيرها، كانت من الأسباب الحقيقية وراء دعوة السيد الشيخ شمس الدين محمد نهرو الكسنزان الحسيني رئيس الطريقة العلية القادرية الكسنزانية في العالم إلى تشكيل وبناء المجلس الثقافي الكسنزاني ليأخذ دوره مع كل التوجهات الروحية المخلصة والصادقة في العالم، بما يخدم رسالة الإرشاد والإصلاح آلعالمية، وتحقيق التوازن بين الروح والمادة، الذي يؤدي إلى الاستقرار الحقيقي للمجتمعات الانسانية، من أجل بناء الإنسان والإيمان وإصلاح النفوس وعمارة الارض .

 

إن المجلس الثقافي الكسنزاني
هو هيئة لها الشخصية المعنوية المستقلة، أهدافها روحية واجتماعية وثقافية وعلمية ملمة بكل جوانب الحياة، وان من اهتمامات وأهداف المجلس الثقافي الكسنزاني هو التركيز على البناء الروحي للإنسان، وتحقيق حالة الإيمان بالله سبحانه وتعالى، ونشر الوعي الثقافي والروحي للمجتمعات الانسانية، من خلال نشر ثقافة التصوف الكسنزاني من خلال عقد الندوات والمؤتمرات الدولية لنشر القيم والأخلاق الفاضلة الكريمة من أجل الإصلاح، وكذلك العمل على نشر العلوم الروحية والعلمية والثقافية والاجتماعية والفنية والرياضية، من خلال نشر الإصدارات والكتب والموضوعات وبمختلف اللغات، ومواكبة التطور والحداثة في أساليب العمل الثقافیة والعلمیة والمجتمعية.

 

والتركيز على البناء المجتمعي الصحيح بشكل عام وخاصة المرأة والشباب، وزرع هذه الحالة الروحية والأخلاقية عند الأطفال بشكل خاص، والمجلس الثقافي الكسنزاني يعمل على نشر لغة المحبة والسلام والتسامح وقبول الآخر والحوار الثقافي بين المجتمعات العالمية، ومواجهة افكار التطرف والتكفير الديني وعدم قبول الآخر، بمختلف الأساليب والطرق السلمية .

 

إن وسائل تحقیق الأھداف للمجلس الثقافي الكسنزاني هي عن طريق البرامج والدورات التدریبیة والتطویریة العلمیة للتنمية الثقافية الصوفية الكسنزانية، وكذلك البرامج التدریبیة للدورات الحرفیة والمھنیة، واقامة ورش العمل والدراسات والبحوث والتطبيقات العملية، وعقد المؤتمرات والندوات والمحاضرات ونشر قيم المحبة والسلام والتسامح وقبول الآخر واحترام حقوق الإنسان وإصلاح النفوس من أجل عمارة الارض بكل ما فيه خير للبشرية، وكذلك التركيز على البرامج التلفزیونیة والإذاعیة، وإقامة المعارض الفنیة ومد جسور التواصل وتبادل المعلومات والثقافات بين المجتمعات المختلفة، وكذلك نشر المطبوعات الدوریة وغیر الدوریة ومنها الإصدارات للموسوعات والكتب، والتخطیط المسبق في إدارة وتنفیذ حملات التوعیة والدعم والمناصرة، وتقدیم الاستشارات والبحوث والدراسات والتقاریر المیدانیة.

 

وكذلك إنتاج الأفلام الوثائقیة القصیرة والطویلة الهادفة، والعمل على تحسین البنى التحتیة للتربیة والتعلیم من خلال فتح المدارس والمعاھد والكلیات والجامعات والمؤسسات التي تهتم بالجانب الروحي والعلمي والثقافي، وبمختلف الاختصاصات التي تخدم المجتمعات، والأهتمام بالتراث الثقافي والروحي للأمة.

 

وفتح مؤسسات وكليات وجامعات ومعاهد ومدارس روحية، وان من نشاطات المجلس الثقافي الكسنزاني فتح علاقات مع جميع الطوائف والأديان والمؤسسات المجتمعية والدولية، وحضور ممثلي الطوائف والأديان والمذاهب والمؤسسات والمراكز العالمية أحتفالات ومناسبات الطريقة الكسنزانية، كذلك تقوم المجالس الثقافية الكسنزانية في العراق والدول بزيارة ممثلي الديانات الأخرى وفتح قنوات التعاون مع كل الجهات العامة والخاصة، وكذلك حضور جميع الأنشطة والفعاليات الثقافية والاجتماعية والفنية والرياضية والمهرجانات العامة والخاصة المجتمعية، وعقد ندوات ومؤتمرات ومحاضرات توعوية بالتصوف الكسنزاني والتعريف بمنهجيته المبنية على نشر قيم المحبة والتعاون الإنساني، وإقامة دورات تدريبية وتطويرية لبناء الذات وتطوير القدرات العقلية، وإعداد الكوادر من أبناء الطريقة وتأهيلهم لنشر قيم التصوف الكسنزاني بين المجتمعات المختلفة، وهناك نشاطات وفعاليات كثيرة تهدف إلى تقوية أواصر التعاون والمحبة بين مكونات المجتمعات في العالم .

 

إن المجلس الثقافي الكسنزاني يعد بوابة من البوابات المهمة لخدمة ونشر فكر التصوف الكسنزاني حول العالم، ويعد واجهة حضارية تمثل رسالة الحياة الروحية للطريقة العلية القادرية الكسنزانية بصورة خاصة، وفيها رسالة كلها حب وإيمان إلى بني البشر كافة.

ويجسد المجلس الثقافي الكسنزاني حقيقة الإيمان ومنظومة القيم والأخلاق التي تحرك الإنسان في دائرة الفعل المسئول، فلا حقد ولا عداء ولا حسد ولا بغضاء ولا كراهية ولا عنصرية ولا تطاول على حقوق المخلوقين والعباد، إن المجلس الثقافي الكسنزاني يشع بنور المحبة والسلام، وهو ينشر هذه المحبة بصدق وإخلاص بين الناس كافة، وهو المحور الذي تلتقي في رحابه جميع المذاهب والأديان والمشارب، فالسني إلى جانب الشيعي الجعفري، فضلاً عن الأديان في إخوة عالمية روحية صادقة، فلكل إنسان حظ من هذا الإرث الروحي ونصيب .

أن إلمجلس الثقافي يوضح للناس ان التصوف الكسنزاني يقدم للإنسان حلولا عملية تساعده على ترويض نفسه، وتهذيب أخلاقه، وتخليص ذاته من الأنانيات وامراض النفس الإمارة بالسوء، ويعطي أملا في تهيئة الأنفاس والحواس الباطنية والظاهرة للإقبال على الله عز وجل، واستحضار عظمته سبحانه وتعالى في ملكه وملكوته، ومحبة واتباع نبيه ورسوله الكريم سيدنا محمد صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ومحبة كل الانبياء والمرسلين والاولياء والصالحين،
وهو يعمل على توضيح منهج اهل الطريقة في السلوك وتعليم الإنسان كيف يستشعر مسؤوليته في الحياة، ويحفزه لتنمية الجوانب المرتبطة بالروح، ويهيئه لتعميق تجربة الإيمان ذوقا ووجدانا في منهج التربية الروحية، فينتقل الإنسان بواسطة التصوف الكسنزاني إلى إنسان ناجح يتحرك في فلك الحياة بالخير والرشاد، ومن واجبات المجلس الثقافي الكسنزاني الرئيسة إيصال أفكاره للناس، ومنها انه يعد منهج التربية الروحية بعد من أبعاد التجربة الروحية الإنسانية، والتي تبدأ من الإسلام كشعيرة، إلى الإيمان كعقيدة، إلى الإحسان كسلوك مشاهدة ومراقبة وقرب من الله.

 

وذلك من خلال ( اللمسة الروحية ) كما يسميها السيد الشيخ محمد المحمد الكسنزان الحسيني قدس سره، في منهج الطريقة والسلوك، وإصلاح النفوس في أعمال الظاهر والباطن، فإذا فسد الباطن تحولت العبادة إلى قشور بلا لب ولا روح وبلا فائدة، وإذا صلح الباطن اثر بالإيجاب في مسار حياته وسلوكه، وهذا علم القلب ومعرفة أمراضه من الحسد والعجب والرياء ونحوها، فهي فرض عين، لأن تطهير الباطن يؤثر في إصلاح الظاهر، وهذا علمَ الإخلاص الذي يخلص النفوس من امراضها كالكبر والشح والحقد والغش والغضب والعداوة والبغضاء والطمع والبخل والبطر والخيلاء والخيانة والمداهنة، والاستكبار عن الحق والمكر والمخادعة والقسوة وطول الأمل، ونحوها من المهلكات، إن المجلس الثقافي الكسنزاني يريد أن يحقق للإنسان ذاته التي تجعله مسئولا عن أفعاله واختياراته، فلا يعيش تحت تأثير أو مجريات أخرى تجعله مسلوب الإرادة، فاقد القيمة والحركة، فهو من الله وإلى الله، وغايته أن يفنى في الله عز وجل حضورا ووجودا بواسطة الولي المرشد قال تعالى ( ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشدا )( سورة الكهف الآية 17.

 

والمجلس يوضح للمجتمعات أن منهج الطريقة العلية القادرية الكسنزانية هو في خدمة الإنسان حتى تكتمل دورة حياته، دون خضوع وخنوع إلا للجمال الإلهي، والمجلس الثقافي الكسنزاني يعمل على المحافظة على المعاني الحقيقية للتصوف الأسلامي، وإزالة كل إلانحرافات والخرافات، وتفعيل دوره الحضاري في بناء الإيمان والإنسان، وان التركيز على البناء الروحي وهو عين منهج سيدنا محمد صلى الله تعالى عليه وآله وسلم في تربية صحابته ومنهم النخبة الطيبة الصادقة المخلصة ( أصحاب الصفة ) وكذلك المحافظة على دور الطريقة الكسنزانية في عملية الحراك الاجتماعي، والتفاعل مع التاريخ البشري.

 

وكذلك نشر المفاهيم الروحية، والمعاني الوجدانية لرواد الثقافة الروحية من مختلف الألوان، والبناء على المشتركات بين الديانات والفلسفات الفكرية والروحية، مع امتزاج الأذواق الروحية الصحيحة فيما بينها، ويقوم إلمجلس الثقافي الكسنزاني بالمحافظة على الإرث التاريخي الرائع للتصوف القادري الكسنزاني الأسلامي، وطرحه للناس بمختلف الأساليب والطرق العصرية الحديثة مثل ( إقامة الملتقيات، السينما، التلفزيون، المعارض الفنية، الندوات والمحاضرات والمؤتمرات، إقامة الورش العلمية، إصدار الدوريات والكتب والموسوعات ) وكل هذا هو رسالة المحبة الكسنزانية لكل ما فيه خير ونفع البشرية جمعاء، وصلى الله على سيدنا محمد الوصف والوحي والرسالة والحكمة وعلى اله وصحبه وسلم تسليما .

Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp

1 فكرة عن ““المجلس الثقافي الكسنزاني رسالة إنسانية عالمية”… بقلم الباحث نوري جاسم”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *