تنظم الطريقة القادرية البودشيشية ومشيختها ومؤسسة الملتقى بشراكة مع المركز الأورو متوسطي لدراسة الإسلام اليوم “CEMEIA”، الدورة السادسة عشر للملتقى العالمي للتصوف تحت شعار “التصوف والقيم الإنسانية: من المحلية إلى الكونية”، وذلك في الفترة ما بين 11 إلى 15 ربيع الأول 1443هـ الموافق ل 18 الى 22 اكتوبر 2021م، واعتبارا للظرفية الاستثنائية التي يعيشها العالم المتمثلة في جائحة كورونا (كوفيد 19)، وانسجاما مع التدابير الاحترازية المتخذة سيتم تنظيم بعض فعاليات هذه الدورة حضوريا على أن يتم تنظيم باقي الفعاليات عن بعد (افتراضيا) عبر وسائط التواصل الاجتماعي .
ويأتي طرح موضوع هذه الدورة، في صميم الحاجة التي يفرضها السياق المعاصر حيث يعيش العالم المعاصر اليوم تحولات كبرى متسارعة، خلقت صراعات ومخاوف ومخاطر، وأفرزت أزمات متعددة أخلاقية وبيئية وصحية، أصبحت تهدد بشكل مباشر أمن الإنسان، وتَخْلُقُ لديه قلقا وجوديا مستمرا، واضطرابا نفسيا، وتعبا لا مُنْتَهِيا، فَقَدَ بسببه سعادته وكَثُرَتْ به عُدْوانِيَتُهُ، بل أصبح مُهدّدا أكثر في كيانه المعنوي القائم على حقيقة الكرامة والحرية والعدل والمساواة، ولعل أكبر آفة على الإطلاق أضحى يواجهها الإنسان المعاصر هي، بدون شك، الانهيارُ الخُلُقِيُّ، الناجم عن إهمال تزكية النفوس، والفتور في طلب مقامات التربية الأخلاقية السَّنية وتنمية الذات وتطوير قدراتها ومهاراتها.
وتهدف هذه الدورة إلى الإجابة عن السؤال المُلحّ التالي: أمام هذه التحديات وسلبياتها، أين يمكن أن يجد الإنسان الموقع الآمن والملاذ الحصين حتى يضمن نجاته وسلامته من هذه المخاطر والأزمات؟ وهل نحن في حاجة ماسّة إلى البعد الروحي للإسلام لمواجهة تحديات العصر الشائكة؟.
كما تتوخى فعاليات هذه الدورة إبراز عالميٌّة دين الإسلام الذي يتجه برسالته وتعاليمه ومبادئه إلى البشرية كلها، تلك الرسالة الجليلة والتعاليم السمحة التي تأمر بالعدل والسماحة، وتنهى عن الظلم والعنف، وتُرسي دعائم السلام في الأرض، وتدعو إلى التعايش الإيجابي بين البشر جميعاً في جوٍّ من الإخاء الإنسانيّ والتسامح بين كل الناس، بصرف النظر عن أجناسهم وألوانهم ومعتقداتهم وأوطانهم، فكونية رسالة الإسلام عبارة عن بناء حضاري قائم على التعارف والتواصل والتعاون، دين مفعم بمقومات العطاء والإسهام الحضاري تحقيقا للحياة الطيبة الآمنة، لأن الإسلام بقيمه وروحه يساهم في نشر السلم والسلام والأمن والأمان بما يكتسبه من قيم الرحمة والمحبة واحترام الآخر بعيدا عن كل تطرف وعنف، قال تعالى: ﴿مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً﴾ [المائدة آية: (32)].
وتبتغي هذه الدورة بيان مكانة ودور التصوف، باعتباره مقام الإحسان في الدين الإسلامي، والذي يمتاز بنزعة إنسانية عالمية منفتحة على سائر الأديان والأجناس، ويملك بفضل أصالة منهجه عناصر القوة للتغيير والإسهام بفعالية في تقريب وجهات النظر، واحتواء الأزمات، واقتراح بدائل للصراعات، تقوم على الألفة والحوار وحسن الجوار والتعاون والتعارف وغيرها من المعاني التي شكَّلت على مر التاريخ مصدر قوة المجتمعات وعليها قامت أسس الأمم والحضارات.
مع إبراز ما يحمله المغرب، من تجليات عميقة لهذا المكون الروحي الأصيل الذي طبع شخصيته الدينية والتدينية، والذي مازال إلى اليوم مثالا يحتذى به في نشر قيم السلام والتعايش والانخراط الفاعل في حل عدد من الأزمات السياسية والدولية بمنطق الحكمة والأخوة والتعاون والصلح.
وفي ضوء ما يحمله التصوف من قيم إنسانية كونية، وارتباطا بهذا الأفق المتسع بين ما هو محلي وكلّي، ومراعاة للسياق المعاصر وتحولاته وركائزه المادية، وغير ذلك، نقدّم موضوع هذه الدورة السادسة عشرة للمطارحة والتحليل على نخبة وازنة من المتخصصين والباحثين والعلماء الذين سيشاركون في فعاليات هذه الدورة سواء من المغرب، أو من أوروبا، أو آسيا، أو أوستراليا، أو إفريقيا، أو أمريكا، على اختلاف ما يمثلونه من مشارب وتخصصات علمية؛ دينية، وأدبية، وفلسفية، وسوسيولوجية، واقتصادية، وغير ذلك.
هذا، وسيتم بث جلسات هذه الدورة وجميع فعالياتها على المنصات الرسمية الرقمية لمؤسسة الملتقى، ويمكن متابعتها على الروابط التالية:
https://www.youtube.com/c/FondationAlMoultaqa
https://www.facebook.com/fondationAlMoultaq.