أن الإحتفال بالمولد النبوي الشريف هو فرح بفضل الله ورحمته ، قال تعالى ( قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون ) أن هذا الفضل العظيم هو الرحمة الكبرى التي أرسلها الله للعالمين ، وجعل الفرح بهذا الفضل والرحمة واجباً على كل مكلف ، وإن مصطلح الفضل في القرآن الكريم أراد الله به معاني كثيرة من ضمنها ( الإسلام ،النبوة ، الرزق ، الجنة المنة ، العدل ، الحكمة ، المحبة الخلف ) وإن الذي يجمع هذه المعاني كلها هو النبوة التي قال عنها رب العزة : ( وكان فضل الله عليك عظيماً ) فمن عظمة النبوة أنه لولاها ما دانت البشرية بدين التوحيد ، من نبي الله آدم عليه السلام إلى عهد نبينا الأكرم صلى الله تعالى عليه وآله وصحبه وسلم ، وكذلك الرحمة فلها في القرآن الكريم معاني عدة منها ( الإسلام ، الجنة ، الغيث ، النعمة القرآن ، الرزق ، النصر ، الإيمان الأحسان ، وسيدنا محمد صلى الله تعالى عليه وآله وصحبه وسلم ) الذي قال الله سبحانه وتعالى في حقه ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) فهو عين الفضل والرحمة وعنوانهما ، وهو الذي قال عنه مولاه في الحديث القدسي : ( لولاك لولاك ما خلقت الأفلاك ) فقد قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وصحبه وسلم ( إنما بعثت رحمة مهداة ).
وأن من بركة هذا الفرح هو أن الله ورسوله يفرحون بمن يفرح بهم ، حيث قال صلى الله تعالى عليه وآله وصحبه وسلم ( من فرح بنا فرحنا به ) فنبينا وسيدنا محمد صلى الله تعالى عليه وآله وصحبه وسلم هو عين الرحمة ، وهو أصل لجميع الأنوار الظاهرة والباطنة وحقيقته جامعة لحقائق الكمالات بأسرها، فالنبوة والرسالة ظهرتا من حقيقته صلى الله تعالى عليه وآله وصحبه وسلم ،فقد وصف الله القمر بقوله ( وَقَمَرًا مُّنِيرًا ) ووصف الشمس فقال : ( سِرَاجًا وَهَّاجًا ) أما حين وصف النبي الأعظم فقال {وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا} فجمع له بين الوصفين ليكتمل الجمال بالجلال وليلتحم الضياء بالنور ، فيشرق للعالم نوره الذي تهتدي به الناس من الظلمات إلى النور ، ومن عظمة رسول الله هي قوله في الحديث الصحيح ( بينما انا بين النائم واليقظان اذا أتاني جبريل وميكائيل في المنام فقال جبريل لميكائيل ، زنه يا ميكائيل ، فوزنني ميكائيل بعشرة رجال فرجحت بهم ، فقال جبريل ، زنه بمئة رجل ، فوزنني بمئة رجل فرجحت بهم ، فقال جبريل ، زنه بألف رجل ، فوزنني بألف رجل فرجحت بهم ، فقال جبريل ، والذي بعثه بالحق لو وزناه بأهل الأرض لوزنهم جميعا.
هذه هي عظمة النبي الذي أخذ الأنبياء والمرسلين من صفاته صلى الله تعالى عليه وآله وصحبه وسلم فعلم آدم عليه السلام من علمه، وحلم نبي الله إبراهيم عليه السلام من حلمه ، ورضا نبي الله اسماعيل عليه السلام من رضاه ، وشجاعة نبي الله موسى عليه السلام من شجاعته ، وشفقة هارون عليه السلام من شفقته ، وإقدام داود عليه السلام من أقدامه ، وعظمة سليمان عليه السلام من عظمته ، وبساطه يحيى عليه السلام من بساطته ، ورحمه عيسى عليه السلام من رحمته ، وصبر ايوب عليه السلام من صبره ، هو النبي الذي اقسم الله له فقال في الحديث القدسي ( وعزتي وجلالي يا محمد ، لو سلكوا الي كل طريق ، واستفتحوا علي كل باب ، ما فتحت لهم حتى يأتوا خلفك يا محمد ) وقد وصفه الصحابة فقالوا (ما رأينا اجمل من رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وصحبه وسلم ، كأنما يجري النور في وجهه ) وقال الله عز وجل في الحديث القدسي ( خلقت نور محمد من نور وجهي ) كما قال النبي صلى الله تعالى عليه وآله وصحبه وسلم ( أول ما خلق الله روحي ، وأول ما خلق الله نوري ، وأول ما خلق الله القلم ، وأول ما خلق الله العقل ) فالمراد منها شيء واحد ، وهو الحقيقة المحمدية ، وهو النور الذي ذكره الله بقوله ( قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ ) ( المائدة : 15 ).
فحضرة الحبيب صلى الله تعالى عليه وآله وصحبه وسلم هو العقل لكونه مدرك للكليات ، وهو القلم لكونه سبباً لنقل العلم ، والعلم يترجم بالحروف ، فالروح المحمدية خلاصة الأكوان ، وأول الكائنات وأصلها ، كما قال صلى الله تعالى عليه وآله وصحبه وسلم ( أنا من الله والمؤمنون مني ) ولهذا النور المحمدي أسماء متعددة يعرفها أهل هذا الشأن ، منها ( الحقيقة المحمدية ) حيث لا يحصرها ( أين ) … ويسمى أيضاً بـ( القلم الأعلى ) و بـ( الدرة البيضاء ) وبـ(روح الأرواح ) وبـ( العقل الأول ) وبـ( الأب الأكبر ) وبـ( الروح الكلي ) وبـ( الإنسان الكامل ) بـ( إنسان عين الوجود ) إلى غير ذلك من الأسماء المشهورة عند أهل التصوف ، فهو المصطفى ، والمجتبى ، ونور الهدى ، وشمس الضحى ، وبدر الدجى ، ، وقاب قوسين أو أدنى ، وهو عين الرحمة الإلهية ، وهو أصل لجميع الموجودات ، والأنوار الظاهرة والباطنة ، وحقيقته جامعة لحقائق الكمالات بأسرها ، فالنبوة والرسالة ظهرتا من حقيقته صلى الله تعالى عليه وآله وصحبه وسلم ، وظهرت منه الولاية ، وقلوب أوليائه وورثة ينابيع الرحمة في كل زمان ومكان ، ونبينا محمد صلى الله تعالى عليه وآله وصحبه وسلم هو الحجاب الأعظم ، فمن أجل حقيقته الطاهرة المطهرة ، تمت كلمة الحق في إيجاد الخلق ، فهو صلى الله تعالى عليه وسلم أول الأولين وخاتم النبيين ، وأن الإحتفال بيوم مولده العظيم هو أستذكار كامل ومتكامل لكل صفاته وأخلاقه ، وأقواله وأفعاله وأحواله ، حيث يتلمَّس العاشقين والمحبين لحضرته حلاوة ذكره والصلاة والسلام عليه وعلى اله بقلوبهم ، ويذكرون صفاته الزكيّة في معاملاتهم ، فلا ينقطعون عنه وعن سِيرته ، ولا يُغيَّبون عن محاسنه ومناقبه ، والطريقة الكسنزانية تعتبر الإحتفال بالمولد النبوي هو من أعظم القربات إلى الله سبحانه وتعالى.
حيث يقول حضرة السيد الشيخ محمد المحمد الكسنزان قدس الله سره يجب على المريد ان يلبس افضل ما عنده من ثياب في المولد النبوي الشريف ، وهذا من باب التعظيم لحضرة النبي سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما ، حيث تقوم الطريقة العلية القادرية الكسنزانية بأعظم الاحتفالات النبويه كل عام ، وفي كل تكاياها حول العالم ، احتفاء بظهور النور الأسنى ، وفخر الكائنات ، وسيد المخلوقات ، مرتين في كل عام ، مرة على الحساب القمري الهجري ، وأخرى على الحساب الشمسي الميلادي ، حيث يؤكد السيد الشيخ شمس الدين محمد نهرو الكسنزان الحسيني قدس سره العزيز رئيس الطريقة العلية القادرية الكسنزانية في العالم على أهمية الإحتفال بالمولد النبوي الشريف ، لما فيه من خير وبركة ونور ونزول للرحمة والرضا الرباني ، وصلى الله على سيدنا محمد الوصف والوحي والرسالة والحكمة وعلى اله وصحبه وسلم تسليما .
فكرتين عن““المولد النبوي فرح بفضل الله ورحمته”… بقلم نوري جاسم-العراق”
مقاله جيده بحق خير الخلق
الذكرى هي التي تحيينا
صلى الله عليك يا سيدي يا رسول الله