كثير من الجدل فى هذه الأيام بعد عرض فيلم صاحب المقام وعما حدث لمن قام بهدم ضريح أحد الأولياء والتعدى عليه، فهل حقا من عادى الأولياء تتنزل عليه البلاءات ؟ وهل الولي ينفع الإنسان ؟ وكثير من الأسئلة تثار حول الأولياء فنريد أن نتعرف من هو الولي وعن معية المولي سبحانه وتعالى له .
الحق سبحانه يقول : ” أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ “( يونس: 62- 63) .
وهذا إخبار من الله سبحانه وتعالى عن تعريف أوليائه من هم ؟
يقول الحق سبحانه في تعريفهم :” الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ “.
وقد ورد حديث جليل رواه الإمام البخاري : عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، قال: قال رسول الله ﷺ: ” إن الله تعالى قال: من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه ” . رواه البخاري .
وفي رواية أخرى للبخاري: ” وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته ” .
ومعنى هذا الحديث من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب ومعنى آذنته بالحرب يعني : أعلمته أني محارب له؛ لأنه يحارب أوليائي فأنا أحاربه، وأنا خصمه، وويل لمن كان الله تعالى خصمه، ومن عادى أولياء الله فقد بارز الله تعالى بالمحاربة، والله يحب الأبرار الأتقياء الأخفياء، الذين إذا غابوا لم يفتقدوا، وإن حضروا لم يدعوا، لهوانهم على الناس، ولم يُعرفوا لأنهم ليسوا بأصحاب سمعة ولا شهرة، قلوبهم مصابيح الهدى، يخرجون من كل غبراء مظلمة أنقياء أتقياء؛ لأن قلوبهم منيرة بذكر الله تعالى، فإذا دخلوا في الفتن خرجوا منها أحسن من الذهب .
وقد حفظ الله الأولياء من الفتن إذا فُتنوا خرجوا من الفتنة وهم أقوياء أنقياء، فأولياء الله -عز وجل- تجب موالاتهم وتحرم معاداتهم، كما أنه يجب معاداة أعداء الله وتحرم موالاة أعداء الله، فكذلك تجب موالاة أولياء الله .
قال الله تعالى: ” لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ ” [الممتحنة: 1]. وقال -عز وجل-: “إ نَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ ” [المائدة: 55-56].
فإذا قال قائل من هم أولياء الله ؟
نقول هم : الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ .. وهم الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ .. وهم أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ .
هؤلاء أولياء الله تعالى، هؤلاء الذين من أهانهم أو أخافهم فقد بارز الله بالمحاربة وعرض نفسه لسخط الله وانتقامه والله يسارع إلى نصرة أوليائه أفيظن الذي يحارب الله أن يقوم له ويقاومه؟ أو يظن الذي يحارب أولياء الله أن يعجز الله تعالى؟ أو يظن الذي يبارز الله أن يسبقه ويفوته ؟ كيف والله يثأر لهم في الدنيا والآخرة، ولذلك لا يكل الله نصرة أوليائه إلى غيره، بل هو الذي ينصرهم عز وجل .
ومن صفات هؤلاء الأولياء الذين يدافع الله عنهم وينصرهم وينتصر لهم من صفاتهم أنهم أذلة للمؤمنين أعزة على الكافرين أى أن التواضع صفتهم .
ولذلك قال النبي ﷺ: أتاني ربي عز وجل يعني : في المنام فقال لي : يا محمد قل : اللهم إني أسألك حبك، وحب من يحبك، والعمل الذي يبلغني حبك هذا الحديث رواه الإمام أحمد .
فنجد أن الذين يعادون أولياء الله فقد دخلوا فى حرب مع الله عز وجل فهو الذى ينتقم منهم فنسأل الله سبحانه وتعالى أن يرزقنا محبة الأولياء وأن يرزقنا صحبتهم فى الدنيا والآخرة .