“ولي الله”…حكايات خاصة عن قطب الصديقية “على جمعة” 

الشيخ على جمعة

الصوفية اليوم

 

مفتى الجمهورية السابق، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، وشيخ الطريقة الصديقية الشاذلية، ومن علماء أهل السُنة والجماعة المعدودين، وأحد أكثر الشخصيات الدينية تأثيرًا فى مصر والعالم الإسلامى.

إنه الدكتور على جمعة الذى اشتهر اسمه بعدما شغل منصب مفتى الديار المصرية خلال الفترة من ٢٠٠٣ إلى ٢٠١٣، وظل محط الأنظار حتى دشن مؤخرًا طريقة صوفية جديدة، نجحت فى ضم أكثر من ٢ مليون مريد لها من جميع أنحاء العالم.

يقول الشيخ على جمعة عن أسرته: «بدأت بناءها منذ عام ١٩٧٤، أى منذ نحو ٤٤ عاما، حين تزوجت فى عمر ٢٢، ونجحت والحمد لله فى تكوين أسرة متماسكة تحيا فى هدوء وسكينة».

الزواج فى سن مبكرة كانت له فوائده وتأثيره على مسار حياته. يوضح: «تزوجت مبكرًا وهذا كان له أثر كبير علىّ وساعدنى كثيرًا على تحقيق الهدوء النفسى والسكينة، وخفف عنى الكثير من الأعباء، كما رأيت أبنائى فى كل مراحل حياتهم، حتى كبروا ونضجوا واستقلوا بأنفسهم».

الأسرة الصغيرة تتكون منه ومن زوجته، التى أنجب منها ٣ بنات، تزوجن جميعا وأنجبن ٦ من الأحفاد، ويرى الشيخ أن هذه الأسرة الصغيرة أعطته فرصة التربية الحسنة لبناته، وتسببت فى جعلهن فى مستوى أرقى ماديا واجتماعيا.

وعن أسباب تسميته «أبوعبادة» يقول إنه كان يكنى بـ«أبودعاء» على اسم ابنته، لكنه اختار لنفسه كنية «أبوعبادة» لحبه فى سيدنا أبوعبادة، ثم رزقه الله بولد عام ١٩٩٢، سمّاه «عبادة» لكنه مات بعدها بقليل.
بعد زواج بناته، يستقر الشيخ حاليا فى منزله بمدينة السادس من أكتوبر بالقرب من مسجد «فاضل» الذى يعتبره خلوته، ويلتقى فيه مريديه من العلماء والمثقفين وكبار رجال الدولة.

تفاصيل يومه تبدأ مع صلاة الفجر، ويرى أن الالتزام بها وبمواقيت الصلاة يجعل الإنسان أقدر على التوفيق بين التزاماته الأسرية والعملية. يقول: «أنظم وقتى تبعا لمواقيت الصلاة، وأنام حاليا لمدة ٦ ساعات، وكنت فى بعض الأوقات وأثناء الدراسة أنام لمدة ٤ ساعات فقط، وبالصلاة أستطيع تقسيم وقتى والتزاماتى بسهولة».

وجبة إفطاره عادة ما تتكون من طبق الفول بالزيت والليمون، الذى يفضل أن يبدأ به يومه مثل كثير من المصريين، أما شرابه المفضل فهو «عصير القصب»، الذى يقول عنه إنه كان يرى عند أى بائع للقصب الآية الكريمة التى تقول: «وسقاهم ربهم شرابا طهورا»، لذا وقر فى ذهنه أنه حين يشرب هذا العصير فإنه يرتوى بشىء من شراب الجنة.

عن طفولته يتذكر الشيخ: «كان أول ما تعلمته فى صغرى هو إحسان العلاقة بين الرجل والمرأة، لأن الأسرة هى الوحدة التى يبدأ منها بناء المجتمع الإنسانى، كما تعلمت حب الريف».

فى الريف يرى الشيخ أن أكثر ما أثر فيه هو تعلم الأصول والقيم التى لا يوجد مثلها فى مجتمع المدينة، ويقول: «كان والدى وأعمامى يقيمون بالمدينة أما جدى محمد عبدالوهاب فكان يقيم بمنزله الكبير على هيئة دوار، فى قرية طنسا التابعة لمركز ببا ببنى سويف، وكنت أذهب إليه كثيرا مع أبناء عمى».

ويضيف: «فى هذا المكان تعلمت معنى الاجتماع بالعائلة، والقيم والأصول، كما تعلقت بالريف وأحببته، واعتدت زيارة المزارع والجناين التى كنت أذهب إليها كثيرا». ويروى الشيخ أن أكثر الشخصيات التى أثرت فى تكوينه هى شخصية والده، الذى كان متعلقا به كثيرا، لأنه الولد الوحيد بين أبنائه، لذا تعلم منه حب التعلم والرغبة فى المعرفة. عن هواياته يقول: «كنت فى شبابى أحب رياضة التنس وأركب الدراجات وألعب كرة القدم، وظللت أحب هذه الأشياء إلى أن كبرت فى السن، فأصبحت رياضتى الحالية هى المشى».

تعلقه بالرياضة فى صغره استمر معه على هيئة تشجيع لعبة كرة القدم، خاصة المنتخب الوطنى الذى يتابع مبارياته المهمة. يقول: «لا أنسى أبدا لقطة للمرحوم حمادة إمام عندما كان يلعب فى إحدى المرات وكان منفردًا بالجون، لكنه بغرابة لعب الكرة إلى خارج المرمى».

أمه كانت تدعو له: «ربنا يجعل فى وجهك جوهرة وفى فمك سكرة»
منذ مولده فجر الإثنين ٣ مارس ١٩٥٢، ظل «على جمعة محمد عبدالوهاب» متعلقا بوالدته السيدة «فتحية الحموى»، حتى توفاها الله عام ٢٠٠٢، خاصة أنه كان الولد الوحيد على بنتين، ويذكر عنها أنها كانت- رحمها الله- تحافظ على صلاتها وصيامها بشكل دائم حتى يوم وفاتها.

من والدته تعلم «الشيخ على» الكرم وحسن الخلق، وهدوء النفس، كما تأثر كثيرا بدعائها له، أن يهبه الله الخير والعلم والقبول، ويروى عنها أنها كانت دائما ما تدعو له قائلة: «ربنا يجعل فى وجهك جوهرة وفى فمك سكرة»، وهو دعاء مقصود به أن يهبه الله طلاقة الوجه والقبول وحسن المنطق والحديث.

أما الأب فكان الأستاذ جمعة محمد عبدالوهاب، المولود بقرية طنسا القريبة من مدينة بنى سويف، وكان أكبر إخوته السبعة، وتخرج فى كلية الحقوق بجامعة القاهرة، واشتغل بالمحاماة.

كان الأب متخصصا فى قضايا الأحوال الشخصية، ما جعله مهتما بدراسة الفقه والمسائل الشرعية بوجه خاص، حتى اشتهر بذلك وأصبح حجة فيها، حتى توفاه الله عام ١٩٨٧.

منزل الأسرة كان له أبلغ الأثر فى نشأة «الشيخ على»، بعدما تأثر بقيمها وأخلاقها، كما كان لمكتبة أبيه العامرة أثر بالغ فى تكوينه ودفعه نحو الرغبة فى التعلم وحب الاطلاع، حتى إن كثيرا من هذه الكتب ما زالت فى منزله حتى يومنا هذا.

فى سن العاشرة بدأ على جمعة حفظ القرآن فى بنى سويف، ثم حصل على شهادتيه الابتدائية والإعدادية، قبل أن ينتقل مع أسرته إلى القاهرة عام ١٩٦٧، ليكونوا بالقرب من أخته التى بدأت دراستها بكلية الهندسة فى جامعة القاهرة.

فى القاهرة أتم الشيخ دراسته وحصل على شهادة الثانوية عام ١٩٦٩، ثم حصل على بكالوريوس التجارة من جامعة عين شمس فى مايو ١٩٧٣.
مسيرته مع الدراسات الشرعية بدأت إثر انتهائه من دراسته الجامعية، والتحاقه بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر، التى حصل منها على درجة الإجازة العالية أو الليسانس عام ١٩٧٩.

وفى عام ١٩٨٥، حصل على درجة الماجستير بتقدير امتياز فى أصول الفقه من كلية الشريعة والقانون، ثم حصل على درجة الدكتوراه من نفس الكلية عام ١٩٨٨.

أثناء دراسته بالأزهر، تلقى الشيخ على جمعة العلم على يد عدد من كبار المشايخ، كما أثار إعجاب أساتذته بعلمه ودقته، حتى إن الدكتور عبدالحميد ميهوب أستاذ الشريعة بكلية الحقوق، وأحد المناقشين لرسالته فى الدكتوراه قال عنه: «خلصت فى حياتى إلى ٣ رسائل استوفت المنهج العلمى بشكل واف، منها رسالة الأستاذ الدكتور على جمعة».

ونتيجة لهذه العلاقة المتميزة، يكثر الشيخ فى أحاديثه ولقاءاته من الاستشهاد بأقوال هؤلاء العلماء الذين تتلمذ على أيديهم ويعتبرهم من مشايخه، كما يحكى عن مواقفه معهم أثناء دراسته فى كلية الشريعة.

فى مسيرته العملية، شغل الدكتور على جمعة الكثير من الوظائف الدينية والعلمية المهمة، كما كان عضوا بلجنة الفتوى بالأزهر الشريف منذ عام ١٩٩٥، وحتى عام ١٩٩٧، كما كان عضوا بمؤتمر الفقه الإسلامى فى الهند.

وأصبح مشرفا على جامع الأزهر الشريف عام ٢٠٠٠، وعضوا فى مجمع الفقه الإسلامى التابع لمنظمة مؤتمر العالم الإسلامى بجدة، كما شغل عضوية مجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر، بالإضافة إلى كونه أستاذا فى أصول الفقه بكلية الدراسات الإسلامية والعربية.

فى عام ٢٠٠٣ أصبح الشيخ على جمعة مفتى الديار المصرية، واستمر فى منصبه لمدة ١٠ سنوات، وأثناء ثورة يناير وما بعدها لعب دورا مهما فى إفشال المشروع الإخوانى بمصر عبر تصديه لمغالطاتهم الدينية والشرعية طوال هذه الفترة.

Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *