“السنوسية الصوفية”… طريقة شيخ المجاهدين عمر المختار

الصوفية اليوم

عرفت السنوسية بأنها حركة دعوية اسلامية سنية مالكية، منهجها الإصلاح، صوفية الملامح، نشأت فى الثلث الأول من القرن التاسع عشر (1240 هجري ، 1825 ميلادى) تؤمن بالصوفية الموافقة للكتاب والسنة، وكما يقول حفيد الإمام السيد احمد الشريف فى كتابه: (الأنوار القدسية فى معالم الطريقة السنوسية) هى متابعة السنة فى الأقوال والأفعال والأحوال والإشتغال بالصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فى عموم الأوقات ، وأيضاً كما قال الإمام الســيد محمد بن على السنوسى: (فاعلم أن ســـبيل القوم اتباع النبي صلى الله عليه وآله وســلم فى الجليل والحقير وأعمالهم موزونة بميزان الشـــريعة).

وللطرق الصوفية سبيلان، سبيل الإشراقية وسبيل البرهانية، فالإشراقية كما يقول السيد أحمد الشريف، دأبهم تصفية النفوس من الأكدار وتوجيهها نحو الحق لنهج المعارف والأســــــرار. بدون تعلم وتعليم، ( من بـاب : اتقوا الله ويعلمكم الله).

أما البرهانية : فدأبها اتباع الأوامر واجتناب النواهي، واقتباس العلوم الأربعة: علوم الذات والصفات والفقه والحديــث والدلات، وسبيلها هو تعمير الظواهر بالآداب على متابعة أقوال النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وتعمير البواطن بمراقبة الله فى جميع الحركات والسكنات على السنن النبوي، والنهج المصطفوي، و السنوســـية تفضل سبيــــل البرهــانية .

وكان الإمام يأمر الأتباع والمريدين بقراءة صحيح البخارى وموطأ الإمام مالك وبلوغ المرام فى الحديث، ورسالة ابن أبى زيد القيروانى فى الفقه، والرسائل السبع فى التصوف.

فالسنوسية هى حركة سلمية شعارها الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة وهى حركة علمية جددت فى الإســلام وفتحت باب الإجتهاد، وخلصت الصوفية من الشــوائب التى علقت بهــا، وعملت على نشــر العلم والكتـــاب، وكان منهجها يقوم على قواعد ثلاث :

تعلم العلم وتعليمه .
ارشاد العباد الى الله ودعوتهم اليه .
الجهاد فى سبيل الله لإعلاء كلمته .

فكان برنامج الحركة يهدف الى بناء الشخصية المتكاملة بشقيها الروحى والمادى وبناء مجتمع متكامل يتم فيه صقل الأفراد وإعدادهم لكل تكاليف الحياة المتعددة. فيبدأ من تهذيب النفس بروح الدين الحنيف، فيذكرون الله صباحاً ومســاءاً لقوله تعــالى: والذاكرون الله كثيراً والذاكرات.

وتمر بتغذية العقل بالعلم والمعرفة، وتعمق بالكد والعمل وكسـب القوت لقوله تعــالى: فامشوا فى مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور.

وتتوج بالقدرة على صد الأعداء (الإستعمار الغازى) وكان هذا واضحاً جلياً فى حربهم ضد الفرنسيين فى السودان والإنجليز فى مصر والإيطاليين فى ليـبيــا، امتثالاً لقوله تعالى: واعدوا لهم ما استطعتم من قوةِ ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم, ولقوله تعالى أيضاً: فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم صدق الله العظيم.

فكانت أهدافها تتلخص فى الآتى :

التشدد فى أمور العبادة والزهد فى المأكل والملبس.
الدعوة الى الله بالحكمة والموعظة الحسنة.
الدعوة الى الاجتهاد ومحاربة التقليد.
الاهتمام بالعمل اليدوى.
الجهاد الدائم فى سبيل الله.

وكانت حكمة مؤسس الحركة الإمام السيد محمد بن على السنوسى فى الحيــاة :
اعمل لدنيــاك كأنك تعيــش أبداً، واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً، واعتماد قول الله في محكم التنزيل : ولا تنس نصيبك من الدنيا، وأحســن كمـا أحســن الّلـــه إليــك.

ومن أبرز شخصياتها :

ـ الشيخ محمد بن علي السنوسي 1202هـ ـ 1276هـ (1787 ـ 1859م) وهو المؤسس للدعوة السنوسية، وتنسب السنوسية لجده الرابع.

وُلد في مستغانم في الجزائر، ونشأ في بيت علم وتُقىً. وعندما بلغ سن الرشد تابع دراسته في جامعة مسجد القرويين بالمغرب، ثم أخذ يجول في البلاد العربية يزداد علماً فزار تونس وليبيا ومصر والحجاز واليمن ثم رجع إلى مكة وأسس فيها أول زاوية لما عُرِف فيما بعد بالحركة السنوسية.

وله نحو أربعين كتاباً ورسالة منها: الدرر السنية في أخبار السلالة الإدريسية وإيقاظ الوسنان في العمل بالحديث والقرآن.

ـ الشيخ المهدي محمد بن علي السنوسي 1261 ـ 1319هـ (1844 ـ 1902م) خلف والده في قيادة الدعوة السنوسية وعمره اثنا عشر عاماً.

ـ الشيخ أحمد الشريف السنوسي ابن عم المهدي ـ ولد سنة 1290هـ (1873م) تلقى تعليمه على يد عمه شخصيًّا، وعاصر هجمة الاستعمار الأوروبي على شمال إفريقيا وهجوم إيطاليا على ليبيا فاستنجد في عام 1917م بالحكومة العثمانية، فلم تنجده خوفاً من على مركزها الديني. وقد وقف مع (مصطفى كمال أتاتورك) ظناً منه أنه حامي الدين ـ كما كان يطلق عليه ـ ولصد الهجمة الغربيَّة على تركيا.. ولما تبين له مقاصده الحقيقية المعادية للإسلام غادر الشيخ أحمد تركيا إلى دمشق عام 1923م، وعندما شعرت فرنسا بخطره على حكومة الانتداب طلبته فهرب بسيارة عبر الصحراء إلى الجزيرة العربية.

ـ الشيخ عمر المختار 1275 ـ 1350هـ (1856 ـ 1931م) وهو البطل المجاهد، أسد القيروان، الذي لم تحل السنوات السبعون من عمره بينه وبين الجهاد ضد الإيطاليين المستعمرين لليبيا، حيث بقي عشر سنوات يقاتل قوى الاستعمار أكبر منه بعشرات المرات، ومجهزة بأضخم الأسلحة في ذلك العصر، إلى أن تمكن منه الاستعمار الإيطالي الغاشم، ونفَّذ فيه حكم الإعدام وذلك في يوم الأربعاء السادس عشر من أيلول (سبتمبر) 1931م ويرجى أن يكون شهيداً في سبيل الله.

Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *