أكد حضرة الشيخ عبد الرؤوف اليماني شيخ صوفية الصين، أن الطرق الصوفية والتصوف فيهما سعادة الانسان وسلامة الأوطان،كما أن الطرق الصوفية هي الطريق المعتدل والمنهج الوسطي الذي جاء به رسول الله صلي الله عليه وسلم، والتصوف هو روح الاسلام وحقيقته.
وأوضح “اليمانى” أن سعادة الإنسان وسلامة الأوطان تكون في المنهج والطريق الصوفى وعلينا أن نعرف كيف تصل الطرق صوفية الي هذا الهدف العظيم؟ وكيف نجعل التصوف في سعادة الانسان وسلامة الأوطان حتى يعم الأمن والأمان والخير والسلام .
وتابع :من المعروف أن سعادة الانسان ينبغي أن تكون من خلال تذوق حلاوة الايمان ، فلا يمكن للإنسان أن يحصل على حلاوة الإيمان ، إلا عبر معرفة النفس وتزكيتها وتنقية الروح ،فلا نحصل على هذا المقام إلا ونحن نحب أولياء الله الصالحين ،وأن يكون هناك ولي من أولياء الله فى قلوبنا ، كما ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﻐﺰﺍﻟﻲ قدّس الله سرّه :إﺫﺍ أﺭﺩﺕ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭ ﺍﻵﺧﺮﺓ ؛ إﺟﻌﻞ ﻧﻔﺴﻚ ﻓﻲ ﻗﻠﺐ ﻭلىّ ﻣﻦ أﻭﻟﻴﺎﺀ ﺍﻟﻠﻪ ! قيل له : ﻛﻴﻒ ذلك ؟!.. ﻗﺎﻝ : ” تحبهم ﻓﻴﺤﺒﻮﻧﻚ ؛ فإﻥ ﻗﻠﻮﺑﻬﻢ ﻫﻲ ﻣﺤﻞ ﻧﻈﺮ ﺍﻟﻠﻪ، ﻟﻌﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﻳﺠﺪﻙ ﻓﻲ ﻗﻠﺒﻪ ﻓﻴﺮﺣﻤﻚ ، فإن أﺣﺒﺒﺘﻪ ﻭﺍﺳﺘﻘﻤﺖ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺩﺏ ﻣﻌﻪ ﻭﺣﺎﻓﻈﺖ ﻋﻠﻴﻪ؛ ﻳﻜﻮﻥ ﺫﻟﻚ ﺳﺒﺐ ﺍﺷﺘﻴﺎﻗﻪ ﻟﻚ ؛ فإذا ﺍﺷﺘﺎﻕ ﻟﻚ تأﺗﻴﻚ ﻫﻤّﺔ ﻭ ﻓﻴﻮﺿﺎﺕ ﺑﻘﺪﺭ ﺍﺷﺘﻴﺎﻗﻪ ﻟﻚ.
وأشار” اليمانى قائلا : إﺫﺍ ﺭأﻳﺘﻪ ﻭ أﻧﺖ ﺗﺤﺒﻪ ﻳﺴﺮﻱ ﻣﻦ ﻗﻠﺒﻪ إﻟﻰ ﻗﻠﺒﻚ أﺣﻮﺍﻝ ﻻ ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﺍﻛﺘﺴﺎﺑﻬﺎ ﺑﻤﻔﺮﺩﻙ ؛ ﻷﻥ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﻲ المحبة ﻭ ﺍﻟﻘﺮﺏ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﺩﺭﺟﺎﺕ”، وأن يكون إيمانه إيماناً حقيقياً برهاناً ودليلاً والذي يشهد نفسه أن الله سبحانه الخالق ونحن من مخلوقات، وأن يكون يقينا فى وجود الله من توحيده، فلا يمكن معرفة الله بدون معرفة النفس، لأن معرفة النفس هو الأساس لمعرفة الله تعالى كما علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : من عرف نفسه عرف ربه .
وأوضح “اليمانى” أن من أساس الشروط لمعرفة النفس : هو مخالفة الهوى ومجاهدة النفس وإزالة الحقد والحسد والكبر والغضب وغيرها من الصفات المذمومة حتى ترتاح الأرواح بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما هذه الأهداف فلا تحققها إلا بتحقيق إتباع مشايخ الطريقة وعلماء الحقيقة لتطبيق طريقة التصوف، كما قال سيدنا علي رضى الله عنه: لولا المربي ما عرفت ربي.
وقال “اليماني “الإسلام مدينة ذهبية ، ورسول الله صلي الله عليه وسلم ﷺ هو باب تلك المدينة،والطريقة هي قفل بوابة تلك المدينة ومرشد الصوفية هو مفتاح قفل تلك البوابة،
وتتعلم علماً ربانيا من مشايخ الطريق حيث أن العلم شمع منير والطالب يصول حوله كالفراش.
وأوضح “اليماني” أن الصوفية جاءت من ذات الله تعالى ، وظهرت من نور محمد صلى الله عليه وسلم وهو منارة الحق ومصباح الاسلام، وأساسها مبني على حب الله تعالى ورسوله حباً جماً ومحبة الصوفية هي محبة للمولى سبحانه وتعالى وتقرب إلى الله تعالى والوصول إليه بطريق التعبد، وهو معرفة الله معرفة حقيقة ، والتصوف هو علم الأسرار وحكمتها، والنعمة الخاصة الى الانسان من عند الله تعالى ، فهي النعمة الخاصة التي نزلت إلى الانسان بأهل التصوف، والتصوف هو سلم الرجوع إلى الله تعالى لمعرفة بداية صفات الانسانية ، وسلم الله تعالى مبني على الصوفية التي هى العلامة الإيمانية، وحبله، والطريق المستقيم للإنسان، ويهدى الانسان إلى السعادة بإرتياح الروحانية ، هو روح الاسلام ، وظهو روحها من حقيقة الاسلام .
وأشار “اليمانى” أن الطرق الصوفية هي طرق الفضل والإحسان والبركة والنعمة والرحمة والمحبة والعدالة، وهذه الطرق مبنية علي النيات الصالحات والإخلاص وأعمال أهل التصوف كلها مبنية بداية بسم الله تعالي وعلي نهاية الله سبحان وتعالي لذلك هي طريق الخدمة وخدمة لجميع المخلوقات، وهى النظريات المعتدلة لروح الإسلام، وهى إهتمام الحوار بين الأديان والحضارات والإحترام بعضها مع بعض والتشجيع فى التعاون والتبادل بين القوميات من أديانهم وعقائدهم وحضاراتهم وثقافاتهم لتحقيق سلامة المجتمع.
وأكد شيخ صوفية الصين، أن الإسلام هو دين السلام ودين المحبة ودين الرحمة للعالمين، والدين يخلق أخلاق الإنسان، بالرحمة والطاعة لله ورسوله والمحبه هى مقياس الأخلاق أما تزكية النفس وتقية الروح فبذكر الله ومدح المصطفى صلى الله عليه وسلم، والصحبة مع الصالحين والتراحم مع مخلوقات الله رحمة ومحبة وأدباً، فلا يمكن لرجل أن يتعامل مع أهله وجيران وأصدقائه معاملة حسنة، ولا يحترم الناس بين القوميات، من عقائدهم وحضاراتهم وثقافاتهم إحتراماً، الا تزكية النفس وتقية الروح بجمع الاخلاق الحسنة
أما أفكار الصوفية هى أفكار المنهج الوسطى، التى تعلم المسلمين حب السلام وطاعة السلطان ومحبة أوطانها وطاعة خليفة الله فى الارض هم سلاطين الأوطان واتباعهم ، كماعلمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم سلاطين الأوطان هم ظلال الله فى الارض ، فقال :السلطان ظل الله فى الأرض، فمن أكرمه أكرمه الله ومن أهانه أهانه الله، أما سلطان الأوطان يجب أن يكون عادلاً فلا يكون ظالما ، كما نعرف جميعا : أن الله ينصر عادلاً وأن كان كافرا ولا ينصر ظالما وان كان مسلما.
وأوضح “اليمانى” : أن طاعة سلطان الله تعالى فى الأرض هو شرط من شروط محبة الله تعالى ورسوله ، وهو جزء من أجزاء الايمان ، وجود الاسرة بوجود الأوطان ، وسلامة الاسرة بسلامة الأوطان وسلامة المجتمع بسلامة الأفراد ، فاذا فقدت سلامة الاوطان فقدت سلامة الاسرة ، وسلامة الاسرة مبنية على سلامة الوطن ، لذالك يبنغي أن نعرف : حب الوطن من الايمان ، ففى طاعة سلطان الأوطان هى علامة لمحبة الأوطان ، فلا يمكن أن يكون هناك تعاون بين القوميات والحضارات والثقافات الا بتحقيق حب الوطن ، وطاعة سلطان الاوطان .
وسئل شيخ صوفية الصين:من هم السعداء؟ فاجاب حضرة الشيخ:السعيد من أحب وطنه السعداء يحبون أوطانهم، لأن وجود البيت بوجود الأوطان،اذا فقدت الأوطان وفقدت البيوت ، لذلك قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : حب الوطن من الايمان،روح التصوف هو معرفة الله تعالى وتعبده تعبدا حقيقا من القلب ، وتتقرب إلى الله تعالى بالأعمال الحسنة ونعمته ويكرم مخلوقاته إكراما بفضل الله وحبه لتطبيق القرآن الكريم :وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين بحب الله تعالى وحب الرسول صلى الله عليه وسلم ورحمة الله ووراثة هذه الرسالة بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى خلفائه من مرشدين الصوفية .
علمنا شيخنا حبيب العليم عبد الروؤف اليماني : كل واحد من أهل التصوف وأهل السلوك ينبغي أن يتمسك بطريقة النبي صلى الله عليه وسلم تمسكاً من سنن أقواله وأفعاله، وإتباع الشريعة الكاملة، فلا نتكلم كلاماً إلا بكلام النبي ولا نعمل عملا الا بأعمال النبي، وتطبيق سنن الرسول صلى الله عليه وسلم تطبيقا كاملا لحصول قيمة التصوف ، فقال : ما نتمني الناس الا المسلمون وما نتمني الناس الا كلهم يحصلون علي نعمة الله تعالى ، والتصوف هو روح الاسلام وقلبها، وغاية التصوف هو خدمة للبشريةوالمخلوقات جميعاً والحب لله تعالى والحب لجميع مخلوقات الله تعالى لحصول كمال الإيمان.
وقال الشيخ اليماني” إن الصوفي الحقيقي، يجب أن يبني جنتين، جنة الدنيا في المجتمع وجنة الآخرة بعد الموت، أما جنة الدنيا في المجتمع فهي تحقيق سعادة الإنسان بين البشر، مع التعاون والتراحم والإحترام بين الديانات والثقافات والحضارات المتنوعة، والمعاملة الحسنى بالأخلاق والسلوك وانتشار المحبة بين الناس، حتى لا يكون هناك إقتتال أو حروب أو نزاع، وسيكون الأمان والسلام في المجتمع كله، أما جنة الآخرة فهي النعمة الكبرى، وهي النعمة الخاصة لأهل الإيمان، فلا نحتاج تفسيراً أو بياناً، حيث أن الجنة فيها الخالدون، إنها معروفة عندنا جميعا، أما أهدافنا وعباداتنا فما هي إلا كما قال شيوخ الصوفية : «كل الناس مسلمون وكل المسلمين إلى الصراط المستقيم، ويدخلون الي جنة النعيم .