“رئيس مؤسسة الملتقى” يسلط الضوء على البعد الأخلاقي للتصوف

د. منير القادري... رئيس مؤسسة الملتقي

 

طرح الدكتور منير القادري بودشيش، رئيس مؤسسة الملتقى ومدير المركز الأورومتوسطي لدراسة الإسلام اليوم، تساؤلات عديدة، وذلك ضمن مداخلته التي حملت عنوان “البعد الأخلاقي للتصوف أساس للنهضة والإصلاح” خلال مشاركته في الليلة الرقمية التاسعة عشر المنظمة من طرف مشيخة الطريقة القادرية البودشيشية ومؤسسة الملتقى بشراكة مع مؤسسة الجمال بالمغرب، وأتت التساؤلات حول تقدّم الآخر وتأخّرنا؟ وهل تقتضي مصلحتنا التأسّي بهذا الآخر، والأخذ بأسباب تقدّمه، ومن ثمّ النسج على منواله في الإصلاحات التي كان سبّاقًا إليها أم هي في إحياء القيم الإسلاميّة العامة والمعروفة بالمقاصد والغايات؟ أم هما معا؟.

وقد طرح رئيس مؤسسة الملتقى ومدير المركز الأورومتوسطي، هذه التساؤلات بمناسبة حديثه عن النهضة الإسلامية وما تقتضيه من تجديد لفكر الإصلاح في شتى المجالات الاجتماعيّة والاقتصاديّة والتربويّة في زمن تطغى فيه هيمنة عالم غربي ما فتئ يتقدم ويتطور، ووفي معرض إجابته على هذه التساؤلات أكد أن العالم الغربي المتحضر يدين بوجوده للحضارة العربية الاسلامية، وأن روح البحث العلمي وطريقة الملاحظة والتجربة أخذها علماء الغرب من اتصالهم بالعالم الإسلامي من بغداد إلى الأندلس، ونبه إلى أنه ما من أمة استطاعت بعث نفسها في عالم الحضارة إلا بالتمسك بأصولها ومقومات هويتها، مضيفا أن نقطة الانطلاق تكون من جوهر الإسلام وروحه، فبوجود النموذج والقدوة والمنهج التربوي لا يسع المسلم أن يتخذ له منهجًا غير الإسلام من حيث كونه دينًا ربانيًا.

وسلط ” القادري” الضوء على التحديات الكثيرة التي تواجه الأمة الإسلامية، كالتأخر في ركب التنمية والحضارة والفوضى الفكرية التي يمثلها تياران كلاهما أشد خطرًا من الآخر، أحدهما يتمثل في الفكر المتشدد الذي يسيء للإسلام ويستغله أعداء الأمة لتفتيتها والقضاء على وحدتها، فيما يتمثل الثاني في التيار المنفلت فكريًّا والمنحل أخلاقيًّا والذي يهدد بنقض عرى مجتمعاتنا، وأشار إلى أن ضعف العقيدة، والجهل بالدين الإسلامي، وغياب القدوة الحسنة، والهزيمة النفسية لجيل الشباب هي أحد ركائز الحرب الجديدة لأعداء الدين، مبرزا أن الإلتزام بالأخلاق والقيم الإنسانية ليس فقط واجب ديني فحسب وإنما هو الخطوة الأولى على درب الإصلاح في مسيرة النهوض الحضاري، وصمام أمان يمنع الفرد والمجتمع من الذوبان في المحيط الفاسد والقيم المادية الدخيلة.

وأوضح أن طبيعة المرحلة التي تمر منها الأمة الإسلامية اليوم تجعل الحديث عن التصوف يكتسي أهمية بالغة في نظر كثير من المفكرين، مشيرا الى ما جاء في كتاب “الدين والسلطة والمجتمع- مقاربات نقدية-“، لصاحبه محمد حلمي عبد الوهاب، أبرز فيه الأسباب التي جعلت رواد النهضة في الأمة الإسلامية يولون عناية خاصة بالتصوف كوعاء روحي لمشاعل النهضة، والتي من بينها ما ناله أغلبهم من تربية روحية إبان نشأتهم الأولى، ودور التصوف كمكون روحي أساسي بالنسبة لهؤلاء الرواد، موردا شهادة الإمام محمد عبدو قال فيها: “كل ما أنا فيه من نعمة في ديني، أحمد الله تعالى عليها، فسببها التصوف”.

وأضاف “القادرى” أن أهمية هذا المنحى الروحي العميق في عملية النهوض الإسلامي، أكد عليها الدكتور محمد مصطفى حلمي الذي هو من أهم الباحثين المعاصرين في علوم التصوف، في العديد من مؤلفاته حول التصوف ورموزه وعلومه، ونبه إلى أن الأخلاق ليست مجرد نظريات فلسفية، وإنما هي تجربة وممارسة عملية، مستدلا بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في صحيح الجامع “إنما العلم بالتعلم، وإنما الحلم بالتحلم، ومن يطلب الخير يعطه، ومن يتق الشر يوقه”، موضحا أن التصوف الإسلامي يجعل من أسمى غاياته إصلاح القلوب، من خلال مجموعة من القواعد التي تؤصل للمقاصد الأخلاقية التي يشترط توفرها في المؤمن عموما، وليس المتصوف فحسب، سواء في علاقته مع خالقه سبحانه، أو مع نفسه، أو في تعامله مع الناس.

Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *