بالتنسيق مع الأكاديمية الصوفية.. “الصديقية الشاذلية” تفتتح فرع جديداً لها في تركيا

كتب: عمرو رشدي

 

أعلن الدكتور السيد محمد عجان الحديد الرفاعي الحسيني الآمين العام لآكاديمية علماء الصوفية عن فتح ساحة خاصة بالطريقة الصديقة الشاذلية في إسطنبول وجاء هذا الإعلان بعد زيارة الدكتور العجان لسماحة العلامة الدكتور علي جمعة الأزهري المفتي الأسبق، ورئيس اللجنة الدينية بمجلس النواب، وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، والشيخ العام للطريقة الصديقية الشاذلية، حيث اجاز العلامة جمعة السيد العجان بخلافة الطريقة الصديقية الشاذلية والجدير بالذكر ان السيد العجان هو من الوجوه البارزة في رجالات التصوف في الديار التركية والعالم المحافظين على المنهج العلمي في السير والسلوك الصوفي، وتعتبر هذه المبادرة الأولى للطريقة الصديقية في تركيا، والطريقة الصديقية الشاذلية كما جاء بكتيب التعريف الخاص بها هى طريقة صوفية سُنية معترف بها من المجلس الأعلى للطرق الصوفية بالقرار رقم 11/2018، تهدف إلى التربية الدينية والروحية بما يتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية والدعوة إلى العمل بها بالوعظ والإرشاد؛ فلا يجوز لأعضاء الطريقة القول بعقائد أو إتيان أفعال أو إقامة موالد أو احتفالات أو أذكار تخالف أحكام الشريعة الإسلامية أو النظام العام أو الآداب.

ويتصل سندها العلمي والروحاني إلى سيدي أبو الحسن الشاذلي من طريق العالم الكبير المحدث السيد عبد الله بن الصديق الغماري – من أكابر علماء علم الحديث الشريف – ويصل نسبه بسيدنا الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب حصل على عالمية الأزهر سنة 1931 وتوفى سنة 1992 وكان من أكابر تلاميذه فضيلة الأستاذ الدكتور علي جمعة وأذن له بالتربية والتسليك كما إذن له أيضا الإمام الرائد محمد زكي إبراهيم شيخ الطريقة المحمدية الشاذلية والشيخ الدكتور حسن عباس زكي شيخ الطريقة القاضية الشاذلية ولذلك فالصديقية الشاذلية تربطها صلات المودة والرحم بالكثير من الطرق الصوفية والشاذلية منها بوجه خاص.

وتتكون أوراد الصديقية الشاذلية من مجموعة من الأيات القرآنية والأدعية والأذكار الواردة بسند صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم، مقتدية في ذلك بقول الإمام الجنيد:”طريقنا هذا مقيد بالكتاب والسنة”.

ويأتي الإعلان عن الطريقة وإتخاذها الشكل القانوني الذي حدده قانون 118 لسنة 1976 بشأن الطرق الصوفية رغم ممارستها نشاطها منذ عدة سنوات إلى ما تمر به أمتنا الأن فالتصوف ما هو إلا بناء الإنسان، يرى التصوف أن الإنسان قبل البنيان، وأن الساجد قبل المساجد، ومن ثم اهتم التصوف بكتاب الله المقدور بعد أن فهم أمرين: كتاب الله المسطور، وكتاب الله المنظور؛ وكتاب الله المسطور هو الوحي، وكتاب الله المنظور هو الكون ومن الوحي والوجود معاً كان التصوف. وللصوفي تجربة، لكنها في نطاق سنة سيدنا رسول الله ص وشرعه لا يستطيع أن يخرج عنها، وكما قال الجُنيد رحمه الله تعالى: «طريقنا هذا مقيد بالكتاب والسنة».

ونحن عندنا مدارس كثيرة في التصوف، هذه المدارس يمكن أن نأخذ منها أمرين مهمين يستفيد منها الاشتراك البشري في عالمنا الآن: الأول هو حب الله تعالى، والثاني هو حب الجار. فإذا ما تحقق بهما المسلم وإذا ما أحياها الصوفي في نفسه وفي أولاده، فإنه يكون قد وقف على المشترك البشري فإذا مددنا أيدينا إلى العالم قبلنا واستمع إلينا وكان في حاجة ماسة لنا حب الله تعالى، وحب الجار يمكننا أن نخاطب به العالمين؛ فإذا قلنا لهم إننا أقوم نحب الله تعالى ونحب الجار لن يعترض علينا أحد حتى الملحد؛ لأن الملحد قد جعل المعيار عنده المصلحة، والمصلحة مبينة على حسن الجوار فكأنك تقول له نحن سنحسن الجوار إليك وعندئذ يجتمع ويلتئم الشمل.

ونحن والحمد لله تعالى أقوياء بأوليائنا وتاريخنا وخبرة هذا التاريخ، أقوياء بحاضرنا، أقوياء بمنهجنا، وأقوياء بأننا ندعو الله سبحانه وتعالى أن يجعل الدنيا في أيدينا ولا يجعلها في قلوبنا، وأننا إذا جعل الله الدنيا في أيدينا استعملناها فيما أراد الله أن نستعملها فيه وربنا سبحانه وتعالى أراد منا العبادة والعمارة وتزكية النفس قال تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾، وقال تعالى: ﴿هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا﴾ أي طلب منكم عمارها ، فالصوفية يعرفون كيفية الذكر، وكيفية الفكر، وكيفية التخلي من كل قبيح، والتحلي بكل صحيح، وما الذي يواجه الإنسان كوناً إذا ما حدث له أمور هذه الأمور لا يعرفها إلا السادة الصوفية. وأول قاعدة عند السالكين إلىٰ اللّٰه هي قولهم: (اللّٰه مقصود الكل)، وهذه العبارة من العبارات البليغة، التي تُكَوِّن أسس الطريق وأصوله، فمن أراد أن يكتبها وأن يحفظها فليكتب: (اللّٰه مقصود الكل). وهناك قاعدة أخرىٰ: (ملتفتٌ لا يصل)، فإذا كنا في طريق، وأردنا أن نصل إلىٰ نهايته، فعلينا أن نسعىٰ، وأن نسير فيه غير ملتفتين عن يسارنا أو عن يميننا
ودورنا الآن هو تربية الشباب. فالأزمات دائماً تحتاج في حلها إلى تربية، الأزمة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والخلقية والفكرية والفلسفية كلها تحتاج من الإنسان أن يعود مرة أخرى أمام الله إنسانا آدمياً، وهذا لا يكون إلا بتطبيق ما علَّمنا إياه مشايخنا وآباؤنا، وما وجدناه في هذا التراث الذي آمنا به واطمأنت له قلوبنا وسعدت به أروحنا حتى قالوا: هذه لذة لو عرفها الملوك لقاتلونا عليها، هذا الكلام له آثر في تصحيح المفاهيم وتصحيح السلوك، إذن إذا أردنا أن نضع عنواناً للدور المرتقب للتصوف فليكن التربية، ثم التربية، ثم التربية. فالحمد لله رب العالمين عندنا همة التربية، ومعنا ما يحتاج إليه العالم حتى لو وصفنا بعضهم بالتخلف وبعضهم بالشرذمة وهاجمنا البعض، فإن الكلمة الطيبة تخرج من القلب فتصل إلى القلب فتغير الوجدان. فعلينا أن نجعل القلب مع الله، وأن نجعله فوق العقل، ثم نجعل هذا العقل (المنور بنور القلب) فوق السلوك هذه هي طريقة التربية.

Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *