تنظم مؤسسة الملتقى بشراكة مع الجهة الشرقية، والجمعية الفرنكومغربية للأطر، النسخة الثامنة للقرية التضامنية تحت شعار: «الإقتصاد الاجتماعي والتضامني رافعة اقتصادية للمساهمة في تجاوز تداعيات الأزمة وتسريع وتيرة الإنتعاش الاقتصادي»، في الفترة من 6 الى 8 نونبر 2020، ، وذلك تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، وانسجاما مع التدابير الاحترازية نتيجة الأزمة الصحية المتمثلة في جائحة كورونا (كوفيد 19)، فقد عقدت هذه الدورة افتراضيا و ذلك ببثت فعالياتها مباشرة عبر المنصات الالكترونية لمؤسسة الملتقى.
عقدت الجلسة الافتتاحية للقرية التضامنية الجمعة 06 نونبر الجاري، حيث تولى الدكتور عبد الرزاق تورابي، أستاﺬ بجامعة محمد الخامس بالرباط، تقديم فقراتها باللغة العربية ، فيما تولى تقديمها باللغة الفرنسية الأستاذ علي المروح، واستهلت أطوارها بآيات بينات من القرآن الكريم، تلاها المقرئ علي السباعي، من الولايات المتحدة الامريكية.
في كلمته الافتتاحية أكد الدكتور منير القادري بودشيش، رئيس مؤسسة الملتقى، أنه في ظل هذه الأزمة الحالية، وتداعياتها السلبية برزت بشكل واضح أهمية الفكر التضامني والحس الاجتماعي في تدبيرها والتقليل من آثارها الاقتصادية والاجتماعية.
وبين أن الممارسات التضامنية مترسخة في الثقافة الوطنية والدينية، وأن الإسلام دين يدعو إلى البذل والتضامن، مستدلا بمجموعة من الآيات القرآنية والاحاديث النبوية الشريفة الواردة في هذا الباب.
وأشار الدكتور القادري الى أن المنهج التربوي للطرق الصوفية ومن ضمنها الطريقة القادرية البودشيشية، يقوم إلى جانب الذكر والعلم على البذل والتضامن، تحت القيادة الراشدة لأمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس نصره الله.
فيما تناول رئيس جامعة محمد الأول بوجدة الدكتور ياسين زغلول في كلمته موضوع “رهان التنمية الاجتماعية والاقتصادية بالجهة الشرقية، المهام والأدوار الجديدة لجامعة محمد الأول”، أشار في بدايتها إلى أن جامعة محمد الأول تراهن على تحقيق الاقلاع الاقتصادي والاجتماعي بالجهة الشرقية، من خلال خططها ومشاريعها الرامية إلى خلق الثروة عبر البحث العلمي والابتكار والاختراع ، وأضاف أن جامعة محمد الأول تسعى إلى ربط الصلة بين الجامعة ومحيطها، وأشار إلى أن مجال التعاون يشمل عقد شراكات تقوم على خطط ترمي الى تحسين العروض البحثية والتقنية، وتوفير العتاد واللوجيستيك، وأضاف بأن ذلك رهين بمساعدة مؤسسات الجهة، بهدف تعزيز دور الجامعة كوسيط للشركاء الاقتصادين والاجتماعيين.
وكشف أن جامعة محمد الأول منكبة على مشروع يرمي الى إضفاء الطابع الجهوي على التكوينات بغية تكييف العرض التكويني للجامعة مع متطلبات المحيط، واختتم كلمته بالتأكيد على ضرورة إحداث آليات قانونية تضبط العلاقة بين الجامعة ومحيطها ، انسجاما مع مبدأ الحكامة التشريعية.
أما المداخلة الثالثة فكانت للدكتور ماجد الغائب، المدير السابق للمكتب الوطني للصيد ورئيس جمعية ENACTUS؛ تحت عنوان: ”دور الابتكار الاجتماعي في تنمية الاقتصاد الاجتماعي والتضامني”، والتي ركز فيها على أهمية العنصر البشري كعامل أساسي من اجل دينامية اقتصادية مستدامة، مبرزا الدور الذي أصبح يلعبه الاقتصاد الاجتماعي والتضامني في السنوات الأخيرة، في تعزيز الإدماج الاجتماعي للناس، لا سيما الأكثر تهميشا، من خلال خلق فرص العمل ونشر التنمية الاقتصادية ومكافحة الفقر والإقصاء الاجتماعي، وتوزيع الثروة على جميع أنحاء البلاد، وعلى جميع فئات المجتمع.
وأوضح الدكتور ماجد انه في ظل تفاقم الأزمات، برز مفهوم الابتكار الاجتماعي، كواحدة من أهم الأدوات لتحقيق التنمية الاقتصادية والاستقرار الاجتماعي في العديد من الاقتصادات النامية والمتقدمة في العالم ، كما أشاد بالمبادرة الملكية المتمثلة في خلق منصة للتكوين ومواكبة الشباب في مجال ريادة الأعمال بأكادير.
بدوره تطرق الدكتور رشيد احميمز، أستاذ بمعهد الحسن الثاني للزراعة والبيطرة بالرباط، في مداخلته إلى التحديات التي تواجه العمل التضامني في المغرب على المستوى الفلاحي، من خلال تجربته الخاصة في تأطير عدد من المشاريع ذات الطابع التضامني، كما سلط الضوء على استراتيجية برنامج “المغرب الأخضر”، الذي يهدف إلى دعم التعاونيات الصغرى في المناطق النائية والمهمشة، وشدد على ضرورة الانتباه لأمرين اثنين لتجاوز اخفاقات المخطط السابق ، أولهما ضرورة الاهتمام بالبنيات التحتية الأساسية، وثانيهما ضرورة تشجيع التكوينات الوظيفية.
أما المداخلة الخامسة فكانت للدكتور سمير الحلوي، استاذ بالمدرسة الوطنية للإدارة وباحث في الاقتصاد بالرباط، الذي بين من خلالها أن المغرب في أمس الحاجة الى صياغة نموذج تنموي جديد، وذلك من خلال الاهتمام بالاقتصاد التضامني الاجتماعي.
وبين ان المقصود بالمنظور التنموي ، هو التنمية المبنية أساسا على انشاء المقاولات وعلى زرع وخلق روح المبادرة لخلق الثروات ، مضيفا أن خلق المقاولات من شأنه ان يحل معضلة التشغيل لفئة الشباب، وأكد على ضرورة تشجيع فئة الشباب حاملي شواهد العليا على الحس المقاولاتي، و ربط الادماج الاجتماعي مع روح الابتكار المقاولاتي.
وفي مداخلته أكد السيد سلامة أبوبكر، وهو خبير إقتصادي في جامعة الدول العربية، ومستشار لدى المنظمة العربية للتنمية الصناعية والتعدين، أنه في ظل تفاقم الفقر برزت الحاجة إلى آليات شاملة وجامعة لمعالجة القضايا الاقتصادية والاجتماعية، ومن بين هذه الآليات الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، والذي يسعى لتحقيق التوازن الاقتصادي للمجتمع وكونه خيار تنموي لمواجهة الأزمات واحتضان القطاعات الهشة والغير النظامية، وتطرق إلى بعض المعيقات التي تواجه هذا الاقتصاد كغياب الأطر القانونية المرتبطة به وعدم توفر الموارد المالية لدعمه.
وفي إطار الأنشطة المقامة بالتوازي مع القرية التضامنية، تحدث الاستاذ محمد مخلص، مستشار في التحولات ، عن دور الجامعة المواطنة في ترسيخ قيم المواطنة وتجاوز التحديات ومختلف الأزمات، وتناولت الأستاذة سهام تمنصورت أزمة البيئة، مشيرة الى ان الطريقة القادرية البودشيشية، قد قامت بالعديد من الموائد المستديرة والمحاضرات للتحسيس بأهمية الحفاظ على البيئة باعتبارها رافعة للتنمية المستدامة.
وتخللت هذه الجلسة الافتتاحية وصلات من السماع والمديح النبوي، قدمها منشدون من داخل المغرب وخارجه، كما تم عرض روبورطاج عن الدورات السابقة.