التصوف الإسلامي من الكتاب والسنة… بقلم سيد مندور_مصر

الصوفية اليوم

التصوفالإسلامى هو إيمان وعمل وعبادة ودعوة وأخلاق وبر مطلق، لأنه «إرادة وجه الله فى كل قول وعمل أو نية أو فكر دنيوى أو أخروى»، والذى يسعى للوصول بالبشرية إلى مستوى الإنسانية الرفيعة.

هو وحى من الوحى، والدين كل الدين، وعلاج لأمراض النفوس، فما من إنسان إلا ومبتلى بجانب ما قل أو كثر من النقص الذى نسميه «مرض النفس» أو «مرض الخلق»، لذا جاءت رسالات السماء لعلاج هذه الأمراض النفسية والخلقية.

ولما كان التصوف تخصص فى هذا الجانب، كان طلبه فرضًا شرعيًا وعقليًا وإنسانيًا واجتماعيًا، حتى يوجد الإنسان السوى الذى به تتسامى الحياة، وتتحقق خلافة الله على أرضه، وينتشر الحب والسماحة بين الناس، وتأخذ الحضارة والتقدمية روحهما الإيمانية المحقُقة لمراد الله.
ويختلف التصوف عن الفلسفات الأجنبية عن العقيدة والشريعة، فهذا باب آخر، لا علاقة له بتصوف أهل القبلة، والاحتجاج بهؤلاء علينا فيه تلبيس الحق بالباطل، وأخذ البرىء بذنب المجرم فعلة دنيئة، كما أن الذين اشتهروا بهذا الجانب الفلسفى، ممن ينسبون إلى التصوف عدد محدود، قد لا يجاوز العشرة، وليس بين صوفية عصرنا من يرى رأيهم أو يذهب مذهبهم، سواء على ظاهره، أو على تأويله.

إذن ما أهمية التصوف؟
الشارع أمر الإنسان بتكاليف فى خاصة نفسه، تنقسم إلى أعماله الظاهرة، وأعماله الباطنة، وبلفظ آخر: أحكام تتعلق بظاهر الجسد، وأحكام تتعلق بباطن الجسد «القلب».

الأعمال التى تترتب على الجسد نوعان: أوامر ونواهٍ، فالأوامر المفروضة مثل الصلاة والصوم والزكاة والحج، وأما النواهى المحظورة فهى مثل تحريم الزنا والسرقة وشرب الخمر وحقوق العباد كافة، وفى المقابل الأعمال التى تترتب على القلب، أوامر مفروضة مثل الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والإخلاص والتوكل والخشوع والصدق والصبر، ونواهٍ محظورة مثل الكفر والنفاق والحقد والحسد والكبر والعجب والرياء.

وهذا القسم الثانى «أعمال القلب» هو المعول عليه فى ديننا، لأن مبنى الأمور كلها على إخلاص النيات لرب البريات التى لا يعلم بها غيره، فقد قرن الله سبحانه وتعالى أعمال الظاهر وسلامة الباطن فيها، لأن فساد الباطن يوجب فساد الأعمال الظاهرة. يقول سبحانه وتعالى: «فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا».

ولهذا كان الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم يشدد على صحابته الكرام فى إصلاح القلوب، ويبين لهم أن صلاح الإنسان متوقف على صلاح هذا القلب وصفائه من كل الشوائب الكامنة فى جنباته، فيقول صلوات الله وسلامه عليه: «ألا وإن فى الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهى القلب».

وأمر الله تعالى خلقه أن تكون جميع عباداتهم القولية والفعلية والمالية خالصة له تعالى بعيدة عن الرياء، فقال: «وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين»، وقد حرم الفواحش فقال: «قل إنما حرم ربى الفواحش ما ظهر منها وما بطن»، وقال «ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن». والفواحش الباطنية، كما قال المفسرون، هى الحقد والرياء والحسد والنفاق.

هذا بالنسبة لكتاب الله، أما الأحاديث التى وردت فى النهى عن الحقد والكبر والرياء والحسد فكثيرة، منها قول النبى صلى الله عليه وآله وسلم: «لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ولا يبع بعضكم على بيع بعض وكونوا عباد الله إخوانا. المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يكذبه ولا يحقره التقوى ههنا، ويشير إلى صدره ثلاث مرات، بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام، دمه وماله وعرضه»، و«إن الله تعالى لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصا وابتغى به وجهه».

وهناك كذلك الأحاديث التى تأمر بالتحلى بالأخلاق الحسنة والمعاملة الجيدة الطيبة، فقد قال فيها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إن الرجل ليبلغ بحسن الخلق درجة الصائم القائم»، «اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن».

Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *