أشاهِد بعيون قلبي (٤) .. بقلم حضرة الشيخ عبد الرؤوف اليماني الحسيني _مرشد صوفية الصين

"الحبيب اليمانى".. مرشد الصوفية في الصين وحوله مربدوه

ترجمة الأستاذة : عُهُود الْقُرَشِي

 

أشاهِد بعيون قلبي، فيَتَّضِحُ أنّ لِقلْبِ كلٍّ منّا بابٌ ونافذة، المفتوحُ منها، يَتسرّبُ من خلاله نورٌ حقيقيّ، والّذي لم يُغلَق تمامًا، لايزال طفِيفُ شعاعٍ يَنفُذُ عبْرَهُ، أمَّا المُوصَدُ كلّيًّا، فَقَدْ استَمْلَكَتْ مقاصدُ الدّنيا بواطِنَهُ.

أشاهِد بعيون قلبي أنّ الهَوى مجرّد لِجام، والحبْل غالبًا ما يشُدُّه شيطان؛ الغيْرة أفعًى تُفسِد كلّ عملٍ صالح؛ والكسلُ مِزْلاقَةٌ… مَكْسُـوٌّ بِالطَّحالبِ سطْحُها، وكثيرون على المِزْلاقَة قد وُلِدوا. تلك أربعُ مجموعات من النّاس، على باب النّار… عاليًا يَصرخُ بِهِم الْخَنَّاس.

(ملاحظة: هنالك أربعة أعداء على الدّرب الصُّوفيّ: الشّخصية، الأنانية، الشّيطان وكذا الكبرياء والكسل، وكلّها محظورات).

 

أشاهِد بعيون قلبي، مَثَلُ هذه الحياة كَمَثَلِ امرأة عجوز متجعّدة منحنِية، تأْمَل أن تغدو سيّدةً جميلة، هذا إنْ لم يكن فتاةً يافِعة. لذلك قَيَّدَت الشّبابَ بِالحِبال، وشيوخٌ كثيرون يَبْدُونَ شُبّانًا شأنهم شأنها، أولئك من يُنفِقون زُبْدَة حياتهم جَشَعًا وأنانيّة.

 

أشاهِد بعيون قلبي جدارًا مكسورًا دُوِّنَ عليه: “الزّوجة والإبنة الفاضلتان عَطِيَّتان من اللّه. خلاف زوجة “شمعون الغاز”، الّتي كانت رأسَ مِحْنَتِهِ وبُرْهانًا على يَقينِ صلاحِهِ. الرّبحُ والخسارةُ مَكتوبان لكلِّ امرئٍ على قلبِهِ.” (ملاحظة: شمعون الغاز: رَجُلٌ قاتَلَ في سبيل اللّه ألْف شهر، وقَيِّدَتهُ زوجتُه خِتام الأمر …)

 

أشاهِد بعيون قلبي فيَظهرُ لي أنّ القلبَ مِثل المرآة، لكلّ واحدٍ منّا صورَته الخاصّة، بعض هذه الصّْوَر تُشبه الأنبياء والأولياء، وبعضها تُشبه الشّيطان، بَيْدَ أنَّ الأكثريّة لا يُشبهون شيئًا، ماعدا أنّهم يَعكِسون على المرآةِ صُوَرَ أنفسِهم وصورة الحياةِ.

أشاهِد بعيون قلبي حيثُ البُركان أوشَكَ على الإنفجار والأرض دَنَتْ من الغَرَق، البحر قارَبَ أن يُغطّي الغَبْراء والنّار على وَشْكِ إلتهام الخَلْق، ريثما قِلّة من النّاس فقط تستطيع أن تُحلِّق.

أشاهِد بعيون قلبي، هنالك حقًّا من يقف بباب الجحيم ويَصرُخ. من يُجيبهُ… فورًا يَفقِد نور الإيمان. مُرْتَدُون لِعَباءة الدِّين يزعُمون انتماءَهم لسُلالة سَيِّدِ الخَلْق وللإسلام المُبِين. فخورون بألوانِهم، ألسنتِهم، ملابسِهم، باطلِ أقوالِهم، لهْوِهم وقرابةِ الدّم خاصَّتِهم. مُنتصِبٌ أمام بوّابة الإسلام الحقّ، يحُول دون وُلوج مَن ليس له بالآخرة حظّ، وخلْف البابِ أُناسٌ يَتفرّجون بِحِذْق…قد فَطَنوا ما يجري.

 

أشاهِد بعيون قلبي أَئِمّةً كَحمير وقرود بملابس خضراء، يَفتَحون شُنَطَ أموالهم وكذا أفواههم. كم مِن الْجَهَلَة يَتّخِذون ألسِنتَهم قرآنًا وأهواءَهم إسلامًا، لَهْوَهم نِكاتًا وهُراءَهم عيْن الحقيقة. نِصْفُهم رَفَعوا رؤوسَهم وأَغمَضوا أعْيُنَهم، والنّصف الآخر خَفَضوا رؤوسَهم لإطاعة الأوامر. أرى مِياهَهم عاليةً مِثْل الحَطَب.

 

أشاهِد بعيون قلبي، في كلِّ مرّةٍ يَخطِف الشّيطان إيمانَ أحدٍ ما، يَنقُش خَدْشًا على الحَجَر. ألاحِظ أنّ الحجَر محفور عليه بخطوط رأسية وأفقية، كَتُمور مجفّفة منكمشة. أنظرُ إلى الّذين تعرّضوا للإستيلاء، هُم لا يزالون مَغلولين بقيود تكبُّرِهم، ويصرخون فاقدين لأعصابِهم، ويشربون الخمْر. ستموت قلوبُهم ولن يشعروا بأيّ ألمٍ أو ندم. أرى الشّيطان يُعلِن بكلِّ فخْر: “اللّص يسرِق الغنيّ! وأنا أسرِق مَن غَرَّه إيمانُه فاستَكْبَر، والنّفْس هي لِجامي”. بِوُسْعِ كلمةٍ واحدةٍ أن تُدخِلك الفردوس، وبِوُسْعِ أخرى أن تَزُجّ بك في اللَّظَى. إنْ لم يزِن العبْد إنشاءات لسانِه، جَدَّ أمرُهُ واشتدَّ أمام إلَهِه. كَلِمُ النبيّ ﷺ صنّارتي. يفِرُّ الشّيطان فرارًا لحظةَ رؤيتي. بيْدَ أنّ مَن سلَبَهم الشّيطان زِمامَهم.. لاموني: “لا يصِحّ أن تكون كذا، لا يصِحّ أن تكون كذاك!

Facebook
Twitter
Telegram
WhatsApp

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *